حياته وأوجبتم خلافته لو بقي بعده لما ذكرتموه من التنفير ، فلا بدّ من ثبوت الخلافة في جميع أحوال الحياة على استقبال استخلاف أخيه له بالوجه الذي أوجبتم به حصولها بعد الوفاة ، وإذا حصلت هذه المنزلة لهارون مستمرة غير متّحدة ولم يمكن بأن تجعلوا حال أمير المؤمنين عليهالسلام فيها كحاله لزمكم الكلام ، والجواب عن السؤال إذا رتب الترتيب الذي ذكرناه : هو أنه لا معتبر في ثبوت منزلة الخلافة لهارون بعد وفاة أخيه لو بقي إليها باستمرار هذه المنزلة أو تجددها ، فلا فرق في الوجه الذي قصدناه بين الأمرين ؛ لأن منزلة الخلافة في الحياة كالمنفصلة من منزلة الخلافة بعد الوفاة ، بل حصولها في كلّ حال كالمنفصل من الحال الأخرى لجواز أن يثبت في إحدى الحالتين ولا يثبت في الأخرى ، وإذا كانت حال الخلافة في الحالين على ما ذكرناه من الانفصال لم يمتنع أن يقع التشبيه بإحداهما دون الأخرى ، ويجعل للمشبّه بهارون عليهالسلام منزلة الوفاة دون ما يجب في الحياة ، وليس معنى أن هارون لو بقي لوجب أن يكون كما كان أكثر من أن منزلة الخلافة كانت تثبت له في الحالين ، وينضاف إلى ثبوتها في الحياة ثبوتها بعد الوفاة ، وغير واجب فيمن جعل بمثابة هارون أن لا يصحّ ذلك فيه إلّا بعد ثبوت المنزلتين له في كلتا الحالتين.
وممّا يكشف عن صحّة قولنا وبطلان ما اعتبره صاحب الكتاب أن أحدنا لو قال لغيره : أنت مني اليوم بمنزلة فلان من فلان ، وكان أحد اللّذين أشار إليهما وكيلا لصاحبه وكالة متقدّمة مستمرّة إلى الوقت الذي وقع فيه القول الذي حكيناه ، لكان قد أوجب بكلامه كون من جعل له منزلة الوكيل وكيلا له على استقبال الوقت الذي ذكره ، ولم يكن لأحد أن ينفي وكالته بأن يقول : إن الذي جعل له مثل منزلته حاله اليوم كحاله فيما تقدم ، فيجب إذا جعلنا حال الآخر كحاله أن لا يكون وكيلا ، بل كان المعترض بمثل هذا القول عند جميع العقلاء مستنقص الفهم والفطنة ، لا لشيء إلّا لما ذكرناه من أنّه لا اعتبار باستمرار الوكالة وتجدّدها ، والمعتبر بأن يثبت لمن جعل لغيره مثل منزلته في الحال التي اشير إليها وثبوتها فيما تقدّم هذه الحال كانتفائها في الوجه المقصود