بالقول ، وكما أنه لا معتبر باستمرار المنزلة وتجدّدها فكذلك لا معتبر باختلاف سببها ؛ لأنّا قد بيّنا فيما مضى أن التسوية بين الاثنين في العطية لا توجب اتّفاق جهة عطيتهما ، بل لا يمتنع أن يختلفا في الجهة والسبب وإن اتّفقا في العطية ، وإنّما أوجبنا لأمير المؤمنين عليهالسلام من المنازل منزلة الخلافة بعد الوفاة ولم نوجب استمرار الخلافة في الحياة ؛ لأن ما يمنع من إثبات إحدى المنزلتين لا يمنع من الأخرى ، فأوجبنا ما لا يمنع الدليل منه باللّفظ وأخرجنا ما منع منه ، على أن في أصحابنا من ذهب إلى استمرار خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام ، واستحقاقه التصرف فيما يتصرف فيه الأئمّة في الحال من ابتداء وقوع النص عليه إلى آخر مدّة حياته ، غير أنهم يمتنعون من أن يسمّوه إماما ؛ لأن الإمام هو الذي لا يد فوق يده ، ولا يتصرّف فيما يتصرّف فيه الأئمّة على سبيل الخلافة لغيره ، والنيابة عنه ، وهو حي فيمتنعون من تسميته عليهالسلام بالإمامة في حال حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لما ذكرناه ، ويجرون الاسم بعد الوفاة لزوال المانع ، ومن ذهب إلى هذا المذهب فقد أثبت لأمير المؤمنين عليهالسلام مثل ما يثبت لهارون من استمرار الخلافة وسقط عنه تكلّف ما ذكرناه.
قال صاحب الكتاب : «وبعد فلو ثبت لعلي عليهالسلام بالاستخلاف ما يقتضي كونه إماما بعده لوجب أن يكون له أن يقيم الحدود ، ويقوم بسائر ما يقوم به الأئمّة في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير إذن وأمر ، ونحن نعلم أن ذلك لم يكن له عليهالسلام في حياته ، وأنّ حاله في أنه كان يفعل ذلك بأمر حال غيره ، وكيف يمكنهم أن يقولوا : إنه بحقّ الاستخلاف يكون إماما بعده ، فإن قالوا : نقول في ذلك ما تقولون في الإمام إذا استخلف غيره ، قيل لهم : إنّ سبب الاستخلاف معتبر عندنا ، فإذا كانت الغيبة كان له أن يقوم بهذه الأمور بعد الغيبة ، وإذا كان السبب خوف الموت فإنما يكون له ذلك بعد الموت ويكون حال حياته خارجة من الاستخلاف ، كما أن حال المقام خارجة من الاستخلاف ، وليس كذلك قولكم ؛ لأنكم قلتم كما استخلفه عليهالسلام في حال الحياة مطلقا وجب أن يكون مستمرا إلى بعد الموت وذلك يوجب أن يكون إماما فلزمكم ما أوردناه عليكم ؛ لأنّه لا