ابن عبّاس عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يقسّم المال على أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت فلأولى ذكر قرب (١) ، وهذا خبر لم يروه أحد من أصحاب الحديث إلّا من طريق ابن طاوس ، ولا رواه ابن طاوس إلّا ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، ولم يقل ابن عباس فيه سمعت ولا حدّثنا ، وابن طاوس يسنده تارة : إلى ابن عباس في رواية وهب ومعمّر (٢) ، وتارة أخرى : يرويه عنه الثوري وعلي بن عاصم ، عن أبيه مرسلا (٣) ، غير مذكور فيه ابن عباس. فيقول الثوري وعلي بن عاصم ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ هو مختلف اللفظ ؛ لأنّه يروى : فما أبقت الفرائض فلأولى ذكر (٤) ، وروي أيضا : فلأولى عصبة قرب (٥) ، وروي أيضا : فلأولى عصبة ذكر (٦) ، وفي رواية أخرى : فلأولى رجل ذكر عصبة (٧) ، واختلاف لفظه والطريق واحد ، يدلّ على ضعفه. وقد خالف ابن عباس الذي يسند هذا الخبر إليه ما اجتمع ناقلوا هذا الخبر عليه في توريث الأخت بالتعصيب إذا خلّف الميت بنتا وأختا على ما قدّمناه وحكيناه عنه ، وراوي هذا الخبر إذا خالف معناه كان فيه ما هو معلوم. ثمّ إذا تجاوزنا عن ذلك من أين لهم أنّ معنى العصبة المذكورة في الخبر هو ما يذهبون إليه ، وليس في اللغة العربية لذلك شاهد ، ولا في العرف الشرعي ، فأمّا اللغة فإنّ الخليل بن أحمد قال في كتاب العين (٨) : إنّ العصبة مشتقّة من الأعصاب وهي الّتي تصل بين أطراف العظام ، ولمّا كانت هذه الواصلة بين المتفرقة من الأعضاء حتى التأمت ، وكان أولاد البنات أولادا للجدّ ، كما أنّ أولاد الابن ولد للجدّ ، والجدّ جدّ للجميع كان البنات في جميع ولدهن إلى الجد ، وضمّ الأهل والقبيلة المنسوبة إلى الجدّ كالبنين وكانوا جميعا كالأعصاب التي تجمع العظام وتلائم الجسد ، فوجب أن يسمّوا جميعا عصبة ، وذكر أبو
__________________
(١) جامع الأصول ، ١٠ : ٢٧٩ ح ٧٤٠١.
(٢) صحيح البخاري ، ٨ : ١٨٧.
(٣) لم نعثر عليه.
(٤) مسند أحمد ، ١ : ١٣١.
(٥) لم نعثر عليه.
(٦) الوسائل ، ١٧ : ٤٣٢ ح ٥.
(٧) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٩١٥ ح ٢٧٤٠.
(٨) كتاب العين : مادة (عصب).