بالذكر ، فقال تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) ، والمعنى : فمن نكحتموه منهن نكاح المتعة (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) ؛ لأنّ الزيادة في الأجر والأجل لا تليق إلّا بالعقد المؤجل.
فإن قيل : الآية مجملة لقوله تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، ولفظة الاحصان تقع على أشياء مختلفة من العفّة والتزويج وغير ذلك؟
قلنا : الأولى ان تكون لفظة محصنين محمولة على العفّة والتنزّه عن الزنا ؛ لأنّه في مقابلة قوله تعالى : (غَيْرَ مُسافِحِينَ) والسفاح الزنا بغير شبهة ، ولو حملت اللفظة على الأمرين من العفّة والاحصان الذي يتعلّق به الرجم ، لم يكن بعيدا.
فإن قيل : كيف نحمل لفظة الاحصان في الآية على ما يقتضي الرجم ، وعندكم أنّ المتعة لا تحصن؟
قلنا : قد ذهب بعض أصحابنا إلى أنّها تحصن ، وبعد فإذا كانت لفظة محصنين تليق بالنكاح المؤبّد رددنا ذلك إليه ، كما أنّا رددنا لفظة الاستمتاع إلى النكاح المؤجّل لما كانت تليق به ، فكأنّه تعالى أحلّ النكاح على الاطلاق وابتغاءه بالأموال ، ثم فصّل منه المؤبّد بذكر الاحصان والمؤجل بذكر الاستمتاع. وقد استدلّ المخالفون في حظر المتعة بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧)) (١) ، قالوا : والمنكوحة متعة ليست بزوجة من وجوه ؛ لأنّها لا ترث ولا تورّث ، والله تعالى يقول : (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ) (٢) (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) (٣).
وأيضا لو كانت زوجة لوجب أن تعتدّ عند وفاة المستمتع بها أربعة أشهر وعشرا ؛ لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (٤).
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآيات : ٥ ـ ٧.
(٢) سورة النساء ، الآية : ١٢.
(٣) سورة النساء ، الآية : ١٢.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٤.