لم يفتقر المؤقت إلى الطلاق في وقوع الفرقة ، ألا جاز أن تطلق قبل انقضاء الأجل المضروب فيؤثر ذلك فيما بقي من مدّة الأجل؟
قلنا : قد منعت الشريعة من ذلك ؛ لأنّ كلّ من أجاز النكاح المؤقت وذهب إلى الاستباحة به ، يمنع من أن يقع فرقة قبله بطلاق ، فالقول بالأمرين خلاف الاجماع.
والذي ذكروه رابعا جوابه : أنّ الولد يلحق بعقد المتعة ، ومن ظنّ خلاف ذلك علينا فقد أساء بنا الظنّ ، والظهار أيضا يقع بالمتمتع بها ، وكذلك اللعان ؛ على أنّهم لا يذهبون إلى وقوع اللعان بكلّ زوجة ؛ لأنّ أبا حنيفة يشترط في اللعان أن يكون الزوجان جميعا غير كافرين ولا عبدين ، وعنده أيضا أنّ الأخرس لا يصحّ قذفه ولا لعانه (١).
وعند أبي حنيفة أيضا أنّ ظهار الذمي لا يصحّ (٢) ، على أنّه ليس في ظواهر القرآن ما يقتضي لحوق الظهار واللعان بكلّ زوجة ، وكذلك الايلاء ، وإنّما في الآيات الواردات بهذه الأحكام بيان حكم من ظاهر أو لاعن أو آلى فلا تعلّق للمخالف بذلك.
وأمّا الايلاء فانّما لم يلحق المتمتع بها ؛ لأنّ أجل المتعة ربما كان دون أربعة أشهر ، وهو الأجل المضروب في الايلاء.
فأمّا أجل المتعة إن كان زائدا على ذلك ، فإنّما لم يدخل هذا العقد الايلاء ؛ لأنّ الله تعالى قال : (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣) (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٤) فعلّق حكم من لم يراجع بالطلاق ، ولا طلاق بالمتعة فلا إيلاء يصحّ فيها ، وهذا الوجه الأخير يبطل دخول الايلاء في نكاح المتعة ، طالت مدّتها أو قصرت.
والجواب عمّا ذكروه خامسا : أنّ الشيعة تذهب إلى أنّه لا سكنى للمتمتع بها بعد إنقضاء الأجل ، ولا نفقة لها في حال حملها ، ولها أجرة الرضاع إن لم
__________________
(١) المغني (لابن قدامة) ، ٩ : ٦.
(٢) المغني (لابن قدامة) ، ٨ : ٥٥٦.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٦.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٧.