ملاقاة جسم مع البول ونحن نعلم بكذبها ونحتمل نجاسته من غير هذه الجهة ، تسقط عن الحجّيّة بالنسبة إلى المدلول المطابقي ، وهو ملاقاة هذا الجسم مع البول ، وتبقى على حالها من الحجّيّة بالقياس إلى مدلولها الالتزاميّ ، وهو نجاسة هذا الجسم ، وهذا ممّا لا يلتزم به أحد(١).
__________________
ـ التزامية على عدم الحرمة والكراهة والإباحة ـ وذلك أنّ الأحكام ليس أحدها موضوعا لعدم الآخر بل عدم أحدها لازم لوجود الآخر ، فإذا دلّ الدليل على وجود أحدها يدلّ على عدم غيره بالالتزام ـ وأمّا فيما نحن فيه فالنجاسة ليست مدلولة لمثبت الملاقاة ، وهو البيّنة ، بل قيام البيّنة على الملاقاة كقيامها على خمريّة المائع بعينه كما مرّ ، فكما لا حرمة لذلك المائع بعد كشف كذب البيّنة كذلك فيما نحن فيه ، فإنّه لا يحكم بالنجاسة بعد كذب البيّنة ، ووجهه ما مرّ من أنّ هذا من قبيل انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه لا انتفاء اللازم بانتفاء ملزومه.
فثبت أنّ النقض مخدوش ، لكونه تمسّكا بالدليل في الشبهة الموضوعيّة.
هذا ما يرجع إلى النقض ، وأمّا جوابه الحلّي ففيه : أنّه أيضا خارج عن موضوع تلك المسألة.
بيان ذلك : أنّ تلك المسألة فيما إذا كان في البين دليل لفظي وكان له مدلولان : مطابقي والتزامي ، وتحقّق له ظهوران ، ثم جاء دليل آخر منفصلا وأسقط المطابقي عن الحجّيّة ، ثم يبحث هل الالتزامي أيضا ساقط عن الحجّيّة أم لا؟ وأمّا إذا لم يكن الدليل لفظيّا أو كان لذلك الدليل اللفظي مقيّد متّصل ، فلا يتحقّق له ظهور ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، فإنّه يقال : أوّلا : أنّ الدالّ على الوجوب هو الأمر ، والدالّ على الملاك ليس هو الأمر بل الوجوب ، والوجوب ليس لفظا ، وهذا من قبيل كشف المعلول عن العلّة ، لأنّ الملاك علّة والحكم معلول ، كما اعترف به قدسسره ، فما نحن فيه من قبيل دلالة الدخان على النار ، لا دلالة اللفظ الموضوع على الموضوع له ، فلا مدلول لفظي مطابقي أصلا فضلا عن الالتزامي ، فليست دلالة الوجوب على الملاك الخاصّ دلالة لفظيّة التزاميّة.
وثانيا : لو سلّمت لفظية الدليل والدلالة فحكم العقل بقبح تكليف العاجز عقلا أو شرعا يكون قرينة متّصلة ، فلا ظهور لقوله : «صلّ» بالنسبة إلى الفرد غير المقدور الشرعي من الأوّل حتى يستكشف وجود الملاك فيه ، فقوله : «صلّ» يصير ظاهرا في غير الفرد المزاحم. (م).
(١) وهكذا إذا قامت البيّنة على أنّ مالا ل «زيد» فبالدلالة الالتزاميّة تدلّ على أنّه ليس ـ