وثانيا حلّا : بأنّ وجود الملزوم ملازم لوجود لازمه الّذي لا ينفكّ عنه.
وبعبارة أخرى : الملزوم وجودا وعدما ، حدوثا وارتفاعا ملازم للازم نفسه لا للازم آخر له ملزوم آخر.
مثلا : الحرارة الناريّة تابعة للنار حدوثا وارتفاعا ، ووجودا وعدما ، لا مطلق الحرارة ، فإذا دلّ دليل على وجود النار ، يدلّ على وجود الحرارة الناريّة ، وإذا دلّ دليل على عدم النار ، فلا محالة يدلّ على عدم الحرارة الناريّة ، وهكذا المقام إذا أخبرت البيّنة بملاقاة جسم للبول ، تدلّ بالالتزام على تنجّس هذا الجسم بالنجاسة البوليّة فقط (١) ، فلا يمكننا استكشاف الملاك من هذا الطريق ، بل إذا لم يكن أمر للفرد المزاحم بمقتضى الدليل ، فلم يكن له ملاك بمقتضاه أيضا ، وهذا واضح.
الثاني من الوجوه ـ التي استدلّ بها لاستكشاف الملاك ، وبنى عليه شيخنا الأستاذ (١) ـ هو : أنّ معروض الطلب وموضوعه الّذي هو في مرتبة سابقة على الطلب مطلق ، وإنّما التقييد بالقدرة في نفس الطلب إمّا لقبح خطاب العاجز ، أو لاقتضاء نفس التكليف ذلك ، ومن المعلوم أنّ مرتبة الطلب متأخّرة عن موضوعه ومعروضه ، والتقييد في عروض الطلب المتأخّر عن متعلّقه
__________________
ـ لعمرو ، فإذا اعترف زيد بأنّه ليس له ، فلازم ما ذكر أن يعامل مع هذا المال معاملة مجهول المالك ، ويؤخذ من يد عمرو ، فإنّ يده سقطت بمقتضى إخبار البيّنة بالالتزام بأنّ يده يد عدوان. ولا يعطى المال ل «زيد» لإقراره بأنّه ليس له ، ومن المعلوم عدم جواز أخذ المال من عمرو لا شرعا ولا في المحاكم العرفية. (م).
(١) فإذا علمنا بعدم ملاقاته للبول وخطأ البيّنة في ذلك ، فقد علمنا بعدم تنجّسه بنجاسة بوليّة أيضا ، وأمّا نجاسته بسبب آخر فلم تخبر بها البينة لا مطابقة ولا التزاما ، فالحقّ أنّ الدلالة الالتزامية كما هي تابعة للدلالة المطابقيّة وجودا كذلك تابعة له حجيّة. (م).
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٦٥.