من قبيل توقّف الحكم على موضوعه لا المعلول على علّته.
وتسمية قيود الموضوع في التكاليف شروطا وفي العقود أسبابا ليست إلّا مجرّد اصطلاح.
وفي هذا المقام أيضا لا يفرق بين التعبير بالقضيّة الشرطيّة ، نحو قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) أو الخبريّة ، نحو : «يجب الحجّ على المستطيع» ومن الواضح أنّ الموضوع بعد تحقّقه خارجا لا ينسلخ عن الموضوعيّة ، بل موضوع الحرمة خمر وجدت أو لم توجد.
وبهذا يتّضح أنّ الواجب المشروط بعد وجود شرطه لا ينقلب مطلقا ، إذ الاستطاعة ـ مثلا ـ قيد من قيود موضوع وجوب الحجّ ، والحكم ـ كما عرفت ـ موجود وجدت الاستطاعة خارجا أم لا ، ولا دخل لقيود الموضوع في الجعل أصلا ، بل جعل الحكم على فرض وجودها ، فإذا تحقّقت الاستطاعة يتحقّق وجوب الحجّ ويصير فعليّا ، وبعد التحقّق أيضا فعليّة الوجوب مشروطة ببقاء موضوعه بجميع قيوده ، والبقاء أيضا وجود ثان ، فدائما [وجود] الواجب المشروط بشيء مشروط بوجود شرطه وجد شرطه أم لم يوجد ، إذ الشرط ليس إلّا ما له دخل في موضوع الحكم ، وكلّ حكم تتوقّف فعليّته على وجود موضوعه ، وهذا معنى قولنا : «كلّ شرط موضوع ، وكلّ موضوع شرط».
ويتفرّع على هذه المقدّمة أنّ أمر المهمّ الّذي هو مشروط بعصيان أمر الأهمّ لا ينقلب بعد تحقّق العصيان ، مطلقا ، بل يبقى على ما هو عليه من المشروطيّة بالعصيان ، فموضوع الأمر بالمهمّ بعد تحقّق العصيان أيضا هو عنوان
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.