القبيل.
ويرد عليه : أنّه لا يتمّ على مذهب العدليّة القائلين بأنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد ، فإنّ المصلحة أمر واقعي لا يتفاوت بالوجوه والاعتبارات ، فالمتأخّر إمّا دخيل في ذلك الأمر النّفس الأمري المتقدّم الّذي هو المصلحة أولا ، فإن كان له دخل ، يلزم إشكال تأخّر العلّة عن معلولها ، وإلّا فهو خلف ، ولا ربط له بالمأمور به ، فلما ذا جعل شرطا له؟
فظهر أنّ شيئا ممّا أفيد في المقام ليس بتامّ ، فالصحيح أن يقال : إنّ الأمر المتأخّر تارة يفرض كونه دخيلا في ترتّب المصلحة على المتقدّم ، وأخرى في لحاظه ، وثالثة في تعلّق الطلب به.
والأوّل أمر واقعي لا يتفاوت الحال فيه ، لوحظ أم لم يلحظ ، تعلّق الأمر به أم لا ، وأمثلته في العرف إلى ما شاء الله ، منها : التمشّي بعد شرب المسهل ، فإنّ له دخلا واقعيّا في ترتّب إصلاح المزاج ولينته عليه.
والثاني ـ وهو دخله في اللحاظ ـ أيضا أمر واقعي بمعنى أنّ المولى إذا رأى شيئا مركّبا ذا أجزاء وقيود متقدّمة أو مقارنة أو متأخّرة ، له مصلحة واحدة أو تحت غرض واحد ، يلاحظه شيئا واحدا فيطلبه ويأمر به.
والثالث ـ وهو دخله في تعلّق الطلب به ـ أمر اعتباري ، فإنّ الشرطيّة وهكذا الجزئيّة والمانعيّة تنتزع من تعلّق الطلب بعدّة أمور مقيّدة بقيود وجوديّة أو عدميّة ، ولا يكون من باب التأثير والتأثّر أصلا ، وتعلّق طلب المولى بما هو كذلك بمكان من الإمكان ، فما هو دخيل في المصلحة أو في اللحاظ من هذه الأقسام لا يعقل أن يكون متأخّرا عنها أو عنه ، ضرورة أنّه ـ لكونه أمرا واقعيّا ـ عين تأخّر بعض أجزاء العلّة عن معلولها ، وأمّا ما هو دخيل في الواجب