والمأمور به فحيث لا واقع له إلّا تعلّق الطلب به ولا تأثير له في المتقدّم أصلا فلا مانع من تأخّره.
وعدم تحقّق امتثال الأمر بالمقيّد بدونه ليس من باب أن القيد له دخل في تحقّق المقيّد ، بل لأجل أنّ متعلّق الطلب هو طبيعة خاصّة مقيّدة ، فما لم توجد بخصوصيّاتها وقيودها المأخوذة فيها لم يوجد مصداق الطبيعة المأمور بها ، فالمطلوب من المستحاضة هو الصوم المتعقّب بالاغتسال في الليل ، فلو فرض الإخلال بالاغتسال ، لم يتحقّق الامتثال ، لعدم تحقّق مصداق تلك الطبيعة المأمور بها ، فهي كمن أمر بعتق رقبة مؤمنة وأعتق كافرة.
نعم ، على مسلك العدلية ـ من تبعية الأحكام للمصالح ـ ربما يتوهّم دخل المتأخّر في مصلحة المتقدّم ، وقد مرّ أنّه أمر واقعي ، ولا يعقل تأثّر المتقدّم عن المتأخّر واقعا.
ودفع هذا التوهّم بالالتزام بأحد أمرين :
الأوّل : أنّ المصلحة لا تترتّب إلّا بعد وجود المتأخّر ، كما هو ظاهر تعلّق الطلب به.
الثاني : أنّها تتحقّق قبله لكنّ المتأخّر بنفسه ليس دخيلا في مصلحة المتقدّم ، بل التقيّد به هو الدخيل فيها ، أو يقال : إنّه لا دخل له لا بنفسه ولا بتقيّده ، بل هو معرّف وكاشف عن خصوصيّة في المتقدّم ، ملازمة في الوجود للمتأخّر وإن لم نعلمها ، ولكن هذا خلاف ظاهر تعلّق الطلب به.
بقي الكلام فيما أفاده شيخنا (١) الأستاذ ـ قدسسره ـ في المقام من أنّ شرائط التكليف لا يعقل تأخّرها عنه بخلاف شرائط المكلّف به ، فهو بمكان من
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٢٥.