الأوّل : أنّه حيث لا يكون في المقام إلّا مصلحة واحدة باعثة للمولى على البعث إلى أحد الشيئين أو الأشياء ، لقيامها بكلّ واحد منهما أو منها ، ووفاء كلّ واحد بذلك الغرض ، وحيث إنّ الواحد بما هو واحد لا يمكن صدور المتعدّد منه ، لما حقّق في محلّه من أنّ «الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد» فحينئذ لا بدّ من القول بأنّ الواجب هو الجامع بين هذه الأمور ، وهو الّذي يقوم به المصلحة والغرض ، وهذه الأمور تكون أفرادا لذلك الجامع ، فالتخيير تخيير عقليّ واقعيّ لا شرعيّ (١).
وفيه : أوّلا : قد مرّ مرارا أنّ نسبة متعلّقات التكاليف إلى المصالح والمفاسد ليست نسبة العلل التامّة البسيطة إلى معاليلها ، فليست الصلاة ـ مثلا ـ علّة للانتهاء عن الفحشاء وأمثال ذلك ، بل نسبتها إلى المصالح نسبة العلل المعدّة إلى معلولها.
وثانيا : ليس بين أفعال واجب واحد من هذه الأمور جامع فيما إذا كان أحد أفراد التخيير هو الصلاة مثلا ، حيث إنّ أجزاءها من مقولات مختلفة بعضها من الكيف المسموع والبعض الآخر من مقولة الوضع وهكذا ، ولا ريب في أنّه لا جامع ذاتيّ بين المقولات ، ففي بعض أفراد الواجب التخييري لا يتصوّر الجامع بين أفعال واجب واحد منها فكيف يتصوّر بين جميع الأفراد!؟
مضافا إلى أنّ قاعدة «لا يصدر من الواحد إلّا الواحد» مختصّة بالواحد البسيط الشخصيّ ، لا الواحد النوعيّ ، والأغراض والمصالح من قبيل الثاني لا الأوّل.
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٧٤.