مثلا : إذا أراد المولى إيجاد الحرارة ، فالحرارة حيث إنّها واحدة نوعيّة يمكن قيامها بالنار أو بالحركة أو بالقوّة الكهربائيّة أو بإكثار اللباس ، فإذا أمر المولى بأحد هذه الأمور لغرض حصول الحرارة ، فليس أمره بأمر جامع بين هذه الأمور المشتركة في صدور الحرارة من كلّ منها ، بل غرض المولى قائم بكلّ واحد منها باستقلاله.
وثالثا : سلّمنا جميع ذلك لكن لا نسلّم أن يكون الواجب في المقام هو الجامع ، حيث إنّ الّذي يوجبه المولى ويأمر به لا بدّ وأن يكون ممّا يمكن إلقاؤه إلى المكلّفين بنفسه وممّا يفهمه العرف ، كما في الصلاة الجامعة بين الأفراد الطوليّة والعرضية ، والجامع في المقام ليس كذلك ، ولا يمكن الإشارة إليه إلّا بالأثر والخاصّة ، فكيف توجيه التكليف والخطاب إلى المكلّف بإتيان مثل هذا الجامع!؟
الوجه الثاني : أن يقال : إنّ في المقام مصلحتين مختلفتين كلّ واحدة منهما بفعل من الفعلين ، ولكن إذا أتى المكلّف بأحدهما واستوفى إحدى المصلحتين ، لا يبقى مجال لاستيفاء الأخرى ، فيكون المكلّف معاقبا بترك الجميع ، وممتثلا بفعل الواحد ، ومرجع هذا الوجه إلى جعل كلّ واحد منهما واجبا مشروطا. بعدم إتيان الآخر (١).
وفيه أوّلا : أنّ هذا المعنى ممّا لا يساعد عليه العرف في الواجبات التخييريّة العرفيّة العقلائيّة ، بل ليس عندهم في هذه الموارد إلّا غرض واحد قائم بكلّ واحد من الفعلين.
وثانيا : أنّ الغرضين حيث إنّهما ـ على الفرض ـ ملزمين ، ولا يكون
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٧٤.