الرجوع إلى العرف كاف في إنكار هذا المعنى للواجب التخييريّ.
والتحقيق في المقام وكشف القناع عن وجه حقيقة المرام يحتاج إلى رسم مقدّمتين.
الأولى : أنّه كما يمكن تعلّق الشوق والإرادة والكراهة والعلم وغيرها من الصفات النفسانيّة بجامع ذاتيّ بين أفراد مختلفة ـ كما إذا علمنا أنّ في الدار إنسانا ولكن لا ندري أنّه زيد أو عمرو ، وكما إذا اشتاق الإنسان أو أراد شرب ماء من المياه الموجودة من غير دخل للخصوصيّات ـ كذلك يمكن تعلّق الصفات النفسانيّة بالجامع العرضيّ الانتزاعيّ ، كعنوان «أحد الأمرين» فإنّ هذا المفهوم من المفاهيم التي يمكن تعلّق العلم بها ، ومطابقه كلّ واحد من الفردين حيث يصدق على كلّ واحد أنّه أحد الأمرين.
ونظير ذلك : العلم الإجماليّ ، فإنّه يتعلّق بهذا العنوان ، كما إذا علم بنجاسة أحد الكأسين ، فإنّ العلم تعلّق بهذا العنوان ، والمعلوم يكون أحد المصاديق لا بعينه.
لا يقال : إنّ المصداق معيّن ولو في علم الله ، لأنّا نفرض فيما إذا علم بنجاسة أحدهما ، وبعد ذلك انكشف نجاسة كليهما ، فمتعلّق العلم غير معيّن ولو في علم الله.
المقدّمة الثانية : أنّ متعلّق الوجوب ليس إلّا ما يقوم به المصلحة الإلزاميّة وما يكون الغرض قائما به ، ومن المسلّم أنّ الغرض إن كان شيئا واحدا وسنخا فاردا ، كان يمكن قيامه بهذا كما يمكن قيامه بذاك ، وهذا كما إذا كان المولى عطشان ، فرفع عطش المولى الّذي هو الغرض الأصلي كما يقوم بالماء كذلك يقوم بشيء آخر من المائعات الرافعة للعطش ، فحينئذ ليس لأحد الشيئين