وقضيّة وحدة الغرض وحصوله بفعل كلّ مكلّف عند ترك الباقي توجب الالتزام بأنّ هناك وجوبات متعدّدة كلّ منها مشروط بعدم امتثال الباقي عصيانا أو نسيانا أو غير ذلك ، فهو عين الترتّب من الأطراف وقد أثبتنا إمكانه وأنّه لا يكون فيه طلب الجمع بين الضدّين ، فلا محذور فيه لو لا الإشكال الآخر في البين ، وهو أنّه ما المراد من قولكم : ترك سائر المكلّفين شرط لفعليّة الخطاب لكلّ مكلّف؟ هل المراد أنّ الشرط هو الترك في جميع الأوقات أو في الجملة وفي وقت ما؟ فإن كان الأوّل ، يلزم أن لا يحصل الامتثال لو أتى به الكلّ في زمان واحد وأن لا يكون الخطاب فعليّا في حقّ أحد ، لعدم حصول الشرط بالنسبة إلى كلّ واحد منهم. وهذا بديهيّ الفساد.
وإن كان الثاني ، يلزم أن يكون كلّ واحد مكلّفا بالفعل ، لحصول الشرط في حقّ الجميع ، إذ ما من مكلّف إلّا وقد يترك هذا الفعل آناً ما ووقتا ما ، وهذا خلاف الفرض وضرورة الفقه ، مع كونه غير معقول في بعض الموارد ، كما إذا كان متعلّق الوجوب غير قابل للتعدّد ، نظير إنقاذ غريق واحد ، حيث لا يعقل الإنقاذان بالنسبة إلى غريق واحد.
فالحقّ في المقام أن يقال : كما أنّه قد يكون المطلوب صرف الوجود في الواجبات العينيّة ، بمعنى أنّ خصوصيّات الأفراد الطوليّة والعرضيّة غير دخيلة في المطلوب ، والمصلحة قائمة بصرف وجود الطبيعة ـ كما في وجوب الإكرام المتعلّق بطبيعيّ العالم من دون اعتبار قيد من القيود وخصوصيّة من الخصوصيّات ، فأيّ عالم أكرم في العالم يحصل الامتثال ـ كذلك ربما يكون المخاطب بالخطاب صرف طبيعة المكلّف بلا اعتبار خصوصيّة شخص خاصّ وفرد مخصوص ، لكونها غير دخيلة في المطلوب ، بل صرف وجود الفعل