المعاملة من جميع الجهات صحيحة لو لا النهي ، والشكّ نشأ من ناحية النهي فقط.
فما أفاده في الكفاية من أنّه لو كان الشكّ في ثبوت الأمر أو الشكّ في الصحّة حين إتيانه أو الدوران بين المحذورين (١) ، إلى آخره ، كلّها خارجة عن محلّ النزاع ، كما أنّ ما أفاده شيخنا الأستاذ (٢) ـ قدسسره ـ من كون الشكّ تارة من جهة الشبهة المفهوميّة ، وأخرى من جهة الشبهة الموضوعيّة أجنبيّ عمّا نحن بصدده.
وكيف كان ، فالكلام يقع تارة في المعاملات ، وأخرى في العبادات.
أمّا المعاملات فلو لم يكن إطلاق أو عموم يشمل مورد النهي ، كما في بيع الخنفساء ، إذ كونه بيعا مشكوك ، فشمول الإطلاق له أيضا مشكوك ، فليس لنا كلام فيه ، كما عرفت ، إذ لو فرض عدم إطلاق الدليل وعدم شموله للمورد ، فباستصحاب بقاء الملك لمالكه الأصليّ نحكم بالفساد ، كان هناك نهي أم لم يكن ، فالفساد ليس من ناحية النهي ، بل لعدم الدليل على صحّته.
وأمّا لو كان الدليل شاملا للمورد ، كالبيع وقت النداء ، فشكّ في أنّ قوله تعالى : (وَذَرُوا الْبَيْعَ)(٣) الدالّ على حرمة البيع وقت النداء حرمة تكليفيّة هل يقتضي فساده أم لا؟
فنقول : إنّه حيث يكون الإطلاق الناظر إلى الحكم الوضعيّ ك (أَحَلَّ اللهُ
__________________
(١) ما نقله عنه غير موجود في نسختنا من الكفاية ، ومشطوب عليه في بعض نسخ الكفاية انظر : كفاية الأصول المحشّى ٢ : ٢٣٤ ، ونهاية الدراية ٢ : ٣٩١ ، والمحاضرات ٥ : ٢٧.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٩٤.
(٣) الجمعة : ٩.