ذاتيّا متقرّبا به (١) ـ فتتأكّد الحرمة بذلك ، إذ من الواضح الفرق البيّن بين من شرب الخمر لصرف غلبة الشهوة ومتابعة هوى النّفس وبين من شربه بعنوان أنّه مقرّب له ومحبوب لمولاه. وبالجملة ، بين الملاكين عموم من وجه ، كما لا يخفى.
وأجاب عنه ثالثا : بأنّ النهي التحريميّ التشريعيّ كاف للدلالة على الفساد ، إذ يستكشف منه أنّ هذا الفعل لا يقبل الإضافة إلى المولى ، فليس فيه ملاك القرب حتّى يؤتى به بداعيه فيقع صحيحا (٢).
وبهذا البيان ظهر فساد ما قيل من أنّ النهي غايته الدلالة على عدم الأمر لا عدم الملاك ، فالفساد من جهة الشكّ في الملاك والتمسّك بقاعدة الاشتغال ، لا أنّه مستند إلى النهي.
ووجه الفساد ما ذكرنا من أنّ من هذا النهي يستكشف عدم الملاك ، إذ لو كان فيه ملاك القرب لما نهي عن التقرب به ، فالفساد مستند إلى نفس النهي التشريعيّ لا إلى أمر آخر.
فانقدح أنّ النهي التشريعيّ أيضا يقتضي الفساد كالتحريميّ الذاتيّ.
وهذا (٣) فيما إذا لم ينكشف الخلاف واضح ، وأمّا لو انكشف الخلاف بأن
__________________
(١) أقول : مع العلم بالحرمة الذاتيّة لا يتمشّى منه قصد التقرّب ، فالتشريع يتحقّق بارتكابه مبنيّا على أنّه من الدين. (م).
(٢) كفاية الأصول : ٢٢٥.
(٣) أقول : الظاهر أنّ التشريع هو إدخال ما ليس من الدين في الدين.
وهذا نظير الكذب ، فإنّ الإخبار بما لا يعلم أنّ له واقعا قبيح وكذب لو لم يكن مطابقا للواقع ، ولو كان كذلك فهو وإن كان قبيحا من حيث إنّه تجرّى بالكذب إلّا أنّه لا يكون كذبا ، وعدم العلم بأنّه من الدين طريق إلى عدمه فيه ، فحينئذ لو انكشف الخلاف ـ