تقييده إطلاق الدليل الثاني فممنوع ، فلا مانع من التمسّك بإطلاق الدليل الثاني ، والحكم بصحّة المعاملة لو لا دليل آخر دالّ على الفساد.
ومنها : الأخبار الخاصّة الواردة فيمن تزوّج بغير إذن مولاه (١). وهذه الأخبار استدلّ بها على الصحّة والفساد.
أمّا تقريب الاستدلال بها على الفساد فهو أنّ قوله عليهالسلام : «إنّه لم يعص الله ، وإنّما عصى سيّده ، فإذا أجازه فهو له جائز» (٢) ظاهر في أنّ معصية الله موجبة لفساد المعاملة.
والجواب عنه : أنّ المراد بالمعصية في كلتا الفقرتين هو المعصية الوضعيّة لا التكليفيّة ، إذ من الواضح أنّ من المحرّمات في الشريعة عصيان العبد لسيّده ، فلا ينفكّ عصيانه عن عصيان الله ، فلا معنى لهذه الجملة لو كان المراد منه معصيته التكليفيّة ، فهو نظير من عصى نبيّه ويقال : إنّه لم يعص الله ، وإنّما عصى نبيّه ، فالمراد من عصيان السيّد هو النكاح بدون إذنه وهو ليس بمحرّم ، إذ لا دليل على أنّ كلّ فعل يصدر من العبد حرام تكليفا إلّا أن يكون بإذن سيّده حتّى ليس له أن يتكلّم بكلام من إجراء صيغة عقد أو غيره إلّا بإذنه ، بل ما يكون حراما هو التصرّف في سلطان المولى ، ومن المعلوم أنّ مجرّد إجراء صيغة العقد ليس تصرّفا في سلطانه ، بل بعد تسلّط المولى عليه باق يمكنه أن لا يجيز ، ولذا لا نحكم بفسق من باع مال الغير فضولا.
والسرّ في ذلك كلّه ما ذكرنا من أنّ مثل هذه الأمور الجزئية ليست تصرّفا عرفا حتّى تكون حراما شرعا.
__________________
(١) انظر الوسائل ٢١ : ١١٤ ، الباب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء.
(٢) الكافي ٥ : ٤٧٨ ـ ٣ ، الفقيه ٣ : ٣٥٠ ـ ١٦٧٥ ، التهذيب ٧ : ٣٥١ ـ ١٤٣٢ ، الوسائل ٢١ : ١١٤ ، الباب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.