فصل :
في أنّه هل للوصف مفهوم أم لا؟
قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ مناط ثبوت المفهوم لقضيّة دون أخرى رجوع القيد المذكور في القضيّة إلى الحكم دون المادّة ، والقضايا الشرطيّة حيث إنّها ظاهرة في رجوع القيد إلى الحكم الثابت في الجزاء فلها مفهوم لا محالة ، أمّا غيرها مثل : «أكرم عالما عادلا» أو «يوم الجمعة» أو «حال كونه راكبا» أو «في المسجد» وغير ذلك من القيود ـ إذ مرادنا بالوصف ليس الوصف باصطلاح النحويّ ، بل كلّ قيد أخذ في موضوع الحكم ـ فلا يدلّ على المفهوم ، وأنّ الحكم منتف بانتفاء القيد المأخوذ في موضوعه ، إذ ظاهر هذه القضايا وأمثالها أنّ القيود راجعة (١) إلى الموضوع لا إلى الحكم ، وإلى المادّة لا الهيئة ، وقد عرفت أنّ مناط ثبوت المفهوم هو رجوع القيد إلى الحكم والهيئة دون المادّة والموضوع. وهذا واضح لا سترة عليه.
ثمّ إنّه قد يقال : إنّه لو لم يكن للوصف مفهوم ، لما صحّ حمل المطلق
__________________
(١) أقول : لا ملازمة بين كون شيء قيدا للموضوع وكونه قيدا للحكم ، لما مرّ في بحث الواجب المعلّق من أنّ قيود الموضوع على قسمين :
أحدهما : ما يكون قيدا لاتّصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، كالاستطاعة ، وهذا القسم من قيود الموضوع راجع إلى الحكم أيضا.
وثانيهما : ما يكون قيدا لتحقّق المصلحة ، وهذا القسم لا ربط له بالحكم ، فيكون الحكم مطلقا ، ومع ذلك لا يتحقّق الامتثال بإتيان فرد ليس فيه هذا القيد ، فإذا قال المولى : «أكرم العالم العادل» يمكن أن يكون وجوب الإكرام مطلقا من جهة العدالة وعدمها ، لكن مع ذلك لا يتحقّق الامتثال إلّا بإكرام العالم العادل. (م).