على المقيّد ، إذ لا منافاة بينهما على ذلك.
ولكنّ الحقّ أنّ باب المفهوم أجنبيّ عن باب حمل المطلق على المقيّد ، ولا ربط لأحدهما بالآخر.
توضيح ذلك : أنّ ظهور القيد في الاحترازيّة ممّا لا ينكر ولا شبهة فيه ، بمعنى أنّ قول المولى : «أعتق رقبة» أو «أكرم زيد بن عمرو يوم الجمعة» مثلا ظاهر في أنّ قيد الإيمان والزيديّة وكون الإكرام في يوم الجمعة يقتضي عدم جواز الاجتزاء بالفاقد للقيد والعاري عنه في مقام الامتثال ، ولا يسقط الأمر ، بعتق رقبة فاقدة لقيد الإيمان وإكرام خالد بن عمرو أو زيد بن عمرو في غير يوم الجمعة ، وهذا لا يلازم (١) انتفاء الحكم عند انتفاء القيد بحيث لو كان هناك دليل آخر دالّ على ثبوت الحكم في مورد عدم القيد كان معارضا ومنافيا له ، بل تحتاج الدلالة على المفهوم إلى أمر آخر غير ظهور القيد في الاحترازيّة ، وهو ظهوره في الانحصار ، وقد تقرّر في باب المطلق والمقيّد ـ وسيجيء إن شاء الله مفصّلا ـ أنّ حمل المطلق على المقيّد من جهة ظهور القيد في الاحترازيّة ، لا من باب ثبوت المفهوم وانحصار القيد ، ولذا لا يحمل المطلق الشمولي على المقيّد ، كما في «خلق الله الماء طهورا» المطلق من حيث كونه ماء البحر أو النهر أو المطر أو البئر وغيرها من الأقسام ، و «ماء النهر يطهّر بعضه بعضا» و «ماء البئر واسع» وليس ذلك إلّا لأجل عدم التنافي بين الدليلين ، فإنّه في أحدهما حكم
__________________
(١) أقول : بل يمكن إثبات عدم انتفاء الحكم عند انتفاء القيد بإطلاق الأمر ، كما مرّ في مفهوم الشرط ، فإنّ الظاهر من الأمر هو الإطلاق وعدم تقييده بشيء من القيود ما دام لم يحرز التقييد ، فقيد العدالة في «أكرم العالم العادل» بمقتضى ظهور القيد في الاحترازيّة رجوعه إلى الموضوع مسلّم ولكن رجوعه إلى الحكم مشكوك ، فيتمسّك لإثبات عدمه بالإطلاق ، ويحكم بأنّ وجوب إكرام العالم مطلق من حيث العدالة وعدمها وإن لم يتحقّق الامتثال إلّا بإكرام العالم العادل. (م).