في استقرار السيرة على العمل بالعامّ إذا كان كذلك.
هذا ، وما أفاده تامّ على مبناه من أنّ استفادة العموم من أدواته يحتاج إلى إجراء مقدّمات الحكمة في مدخولها ، إذ على هذا المبنى لا بدّ في حمل العامّ على العموم من إحراز كون المتكلّم في مقام البيان ، ومن المعلوم أنّه لو كان من ديدنه الإتيان بالمخصّصات والمقيّدات المنفصلة لا يمكن إحراز أنّه في مقام بيان تمام مراده حتى تتمّ مقدّمات الحكمة ، ويحكم بالعموم ببركتها.
وأمّا على ما اخترناه من أنّ العموم يستفاد من نفس أداة العموم ، وهي بأنفسها متكفّلة لبيان العموم في مدخولها ، فلا يتمّ ذلك ، فإنّ العامّ ينعقد له ظهور في العموم على هذا بلا احتياج إلى جريان مقدّمات الحكمة ، فهو حجّة ما لم يزاحمه حجّة أخرى أقوى منها.
الثاني : ما أفاده شيخنا الأستاذ (١) من أنّه يلزم الفحص عن المخصّص فيما بأيدينا من الكتب المدوّنة التي فيها عمومات الكتاب والسنّة من جهة العلم الإجمالي بورود مخصّصات ومقيّدات ومعارضات كثيرة لها ، فلا بدّ من الفحص بمقدار ينحلّ العلم الإجمالي ، ويخرج المورد عن أطراف الشبهة.
لا يقال : إنّ المعلوم الإجماليّ فيما ذكر مردّد بين الأقلّ والأكثر ، فيؤخذ بالأقلّ ، ولا يلزم الفحص أصلا ، كما لو علمنا إجمالا باشتغال ذمّتنا بالدّين ولا ندري أنّه هل هو دينار أو ديناران أو أكثر فإنّه لا يجب أزيد من المقدار المتيقّن الّذي هو الأقلّ ، وفي الزائد تجري البراءة عن التكليف ، وتصير الشبهة بدويّة بالنسبة إليه.
فإنّا نقول : المعلوم بالإجمال تارة لا يكون له تعيّن في الواقع أصلا
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٨١.