العامّ ـ التي منها أفراد الخاصّ ـ بحكم العامّ ، مثلا : لو ورد «لا تكرم زيدا العالم» ثمّ ورد بعد ذلك «أكرم كلّ عالم» يحكم على ذلك بكلّ عالم حتى «زيد» بوجوب الإكرام.
والحقّ أن يقال : إنّه على تقدير تماميّة أصالة العموم تقدّم على أصالة عدم النسخ ويحكم بأنّ العامّ ناسخ ، وذلك لأنّ ما يمكن أن يكون مدركا لأصالة عدم النسخ أمور ثلاثة :
الأوّل : الاستصحاب ، وأنّ الحكم الّذي ثبت في زمان لم ينسخ وباق على ما كان ، ومن المعلوم أنّه أصل عمليّ لا تقاوم أصالة العموم على تقدير حجّيّتها ، فإنّها أصل لفظيّ ، ومعها لا يبقى لنا شكّ حتى تصل النوبة إلى الاستصحاب.
الثاني : ظهور دليل الخاصّ في استمرار الحكم ودوامه ، وأنّ مقتضاه بقاء حكم الخاصّ حتى بعد ورود العامّ ، وهو مقدّم على ظهور العامّ في العموم من جهة كثرة التخصيص وقلّة النسخ ولو كان هذا الظهور بالإطلاق وكان ظهور العامّ في العموم بالوضع ، كما أفاده صاحب الكفاية (١) قدسسره.
ولا يخفى أنّ نفس الدليل المتكفّل لبيان الحكم لا يعقل أن يكون متعرّضا لبيان استمرار الحكم وعدمه ، وأنّ الجعل مستمرّ أو غير مستمرّ فضلا عن أن يكون ظاهرا فيه ، فإنّ الحكم لا بدّ أن يلحظ أوّلا ويجعل ، ثمّ بعد ذلك يحكم بأنّه مستمرّ أو غير مستمرّ ، إذ الحكم موضوع للحكم بالاستمرار فلا يعقل أن يلاحظ استمراره في رتبة لحاظ نفسه ، فلا بدّ من التماس دليل آخر دالّ على ذلك.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٧٧.