ذكره شيخنا الأستاذ (١) من أنّ استحالة التقييد مستلزمة لاستحالة الإطلاق ، لما بينهما من تقابل العدم والملكة ، لأنّا ذكرنا في بحث التعبّدي والتوصّلي أنّ لازمه استحالة العلم له تعالى لاستحالة الجهل في حقّه ، واستحالة الغناء في حقّه لاستحالة الفقر له تعالى ، وذكرنا أنّ استحالة التقييد تستلزم ضروريّة الإطلاق أو التقييد بالطرف المقابل إن كان ممكنا ، بل لأنّ الإطلاق حينئذ لا يكشف عن المنكشف وأنّ غرضه تعلّق بالمطلق ، إذ من المحتمل أنّ الإطلاق نشأ من استحالة التقييد مع أنّ الغرض في الواقع تعلّق بالمقيّد.
هذا كلّه على القول باستحالة أخذ الانقسامات اللاحقة في متعلّق التكليف ، وأمّا على ما هو المختار من جوازه ـ كما حقّقناه مفصّلا في بحث التعبّدي والتوصّليّ ـ فليس لنا حاجة إلى هذه المقدّمة أصلا.
الثانية منها : كون المولى في مقام بيان تمام مراده وجميع ما له دخل في غرضه لا في مقام الإهمال والإجمال ، كقول الطبيب للمريض : «لا بدّ لك من شرب الدواء».
والحقّ أنّ المراد من البيان في المقام هو البيان في قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وهو ما يكون عن جدّ ، خلافا لصاحب الكفاية (٢) حيث التزم بأنّ البيان في المقام هو مجرّد إظهار تمام مراده ولو لم يكن عن جدّ ، بل كان قاعدة وقانونا ، نظرا إلى أنّ البيان الجدّي والواقعي ـ كما في قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ـ ينافي التقييد من جهة أنّ المقيّد يكشف عن عدم كون المولى في مقام البيان ، فينثلم به الإطلاق ، ولا يمكن التمسّك به بعد ذلك أصلا.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٢٠.
(٢) كفاية الأصول : ٢٨٨.