بكون الإرادة علّة للفعل الخارجي ـ كما عليه صاحب الكفاية قدسسره ، وجميع الحكماء ـ فلا مدفع لهذا الإشكال ، إذ ليس هذا إلّا عين تخلّف المعلول عن علّته التامّة.
نعم ، لو قلنا بأنّ الإرادة فعلا غير موجودة ، والموجود ليس إلّا الشوق إلى فعل المقدّمات ، وبعد إتيان المقدّمات تتجدّد الإرادة ، فيمكن ، لكنّه عين إنكار الواجب المعلّق ، إذ المفروض فيه أنّ الوجوب فعليّ والإرادة موجودة.
هذا ، مع أنّه لا شبهة في أنّ إتيان المقدّمات إنّما هو الإرادة ذيها.
والحاصل : أنّه بعد فرض علّيّة الإرادة للفعل وأنّه كالصفرة للوجل لا يمكن انفكاك الفعل عن الإرادة ، وعند الانفكاك يعلم عدم العلّيّة ، فلا يكون الوجوب فعليّا.
هذا ، ولكنّه قد سبق في بحث الطلب والإرادة فساد المبنى ، وأنّ كون الأفعال معلولة للإرادة أمر غير واقع بالوجدان والضرورة ، بل الإرادة بالمعنى المعروف ـ الّذي هو الشوق مطلقا ، أو المؤكّد منه ـ هي صفة نفسانيّة لا علّيّة لها ولا مقدّميّة لها بالنسبة إلى الأفعال الخارجيّة ، بل لها شأنيّة لتحريك العضلات ، ولا فعليّة لها لذلك.
وقد تقدّم الكلام في بطلان كون الإرادة بالمعنى المعروف علّة للأفعال الخارجية مستوفى ، فلا إشكال من هذه الجهة في الواجب المعلّق ، إذ هذا الإشكال يبتني على علّيّة الإرادة للفعل الخارجي ، وقد عرفت بطلانها.
الثاني : ما أفاده شيخنا الأستاذ (١) المنكر للشرط المتأخّر من أنّ القول باستقبالية الواجب وفعليّة الوجوب مستلزم للقول بالشرط المتأخّر ، إذ لو قلنا
__________________
(١) أجود التقريرات : ١٤٣ ـ ١٤٤.