بأنّ الوجوب فعليّ ، فلا بدّ من القول بكونه مشروطا بالقدرة والحياة والعقل وغيرها من الشرائط العامّة التي هي شرائط حين العمل ومتأخّرة عن الوجوب. والشرط المتأخّر مستحيل ، فما هو مستلزم لذلك أيضا مستحيل ، كما هو واضح.
وهذا الإشكال وارد [بناء] على القول باستحالة الشرط المتأخّر ، ولكنّا حيث صحّحناه وأثبتنا إمكانه ، فلا يرد علينا إشكال من هذه الجهة.
الثالث : ما أفاده أيضا شيخنا الأستاذ (١) قدسسره ، وهي العويصة في المقام.
وحاصله : أنّ القيود الدخيلة في الواجب على قسمين لا ثالث لهما ، أحدهما : أن تؤخذ مفروضة الوجود ، فيلزم تأخير الحكم عنه ، وهذا هو الواجب المشروط. والآخر : أن تؤخذ في حيّز الخطاب ومتعلّق التكليف بحيث تكون هي أيضا تحت الخطاب ومتعلّقة للتكليف.
وعلى الثاني إمّا أن يكون القيد اختياريّا ، فهو الواجب المطلق والمنجّز ، أو يكون غير اختياريّ كالزمان ، فلا يعقل تعلّق الخطاب بالمقيّد به ، إذ المقيّد بأمر غير اختياري غير اختياري أيضا فكما لا يمكن توجّه التكليف بالأمر غير الاختياري كذلك لا يمكن بالمقيّد بذلك.
وحينئذ لو أخذ الزمان المتأخّر أو الزمانيّ كذلك مفروض الوجود ، فهو خلاف الفرض ، إذ الوجوب يكون مشروطا على ذلك ، ولو أخذ الزمانيّ لا كذلك بل في حيّز الخطاب وتحت التكليف ، فهو أيضا خلاف الفرض ، إذ يكون الوجوب على ذلك مطلقا ومنجّزا لا معلّقا. ولو أخذ الزمان في حيّز الخطاب ومتعلّق التكليف ، فهو وإن كان من المقام ومن الواجب المعلّق إلّا أنّه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٣٦ ـ ١٤١.