في دليل.
الثانية : ما عن بعض (١) مشايخنا العظام من أنّه لا شبهة في أنّ المولى لا بدّ له من غرض في طلبه ، وهو جعل الباعثيّة والمحرّكيّة للعبد ، وأن يجعل ما يمكن أن يكون باعثا ، ومن الواضح أنّ جعل ما يمكن أن يكون باعثا إنّما يعقل في مورد يمكن صيرورة العبد منبعثا ، إذ البعث والانبعاث من قبيل الكسر والانكسار ، فلو استحال انبعاث العبد ، يستحيل بعث المولى ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، إذ الانبعاث والتحرّك فعلا نحو الفعل المتأخّر مستحيل ، لأنّ الفعل مقيّد بزمان متأخّر لا يمكن إيجاده الآن ، فالبعث أيضا تابع للانبعاث في ذلك ، فلا يمكن تعلّق الوجوب الفعلي بالأمر المتأخّر ، إذ الوجوب لا يستفاد إلّا من بعث المولى وطلبه وأمره.
ثمّ أورد على نفسه بأنّه لا يمكن على ذلك ، البعث نحو الصلاة ولو بعد حضور وقت الصلاة لمن لا يتمكّن فعلا ، لكونه جنبا أو غير ذلك ، لأنّ البعث الفعلي لا يمكن مع عدم إمكان الانبعاث فعلا على الفرض.
وبعبارة أخرى : أنّ هذا منقوض بالواجبات المطلقة المحتاجة إلى المقدّمات أيضا ، كصلاة الظهر ، فإنّها أوّل الظهر إمّا تجب أولا ، لا سبيل إلى الثاني ، وإلّا لم يجب تحصيل مقدّماتها ، فلا محالة تكون واجبة ، وحينئذ ربما لا تكون المقدّمات حاصلة ، فلا يمكن الإتيان بها في أوّل الوقت والانبعاث ببعثها فيه ، مع أنّها واجبة قطعا ، فالوجوب فعليّ والواجب متأخّر.
وأجاب عنه ـ قدسسره ـ بأنّه إنّما امتنع هذا الانبعاث لعارض والكلام في الامتناع الذاتي له ، ومن الواضح أنّه يمكن إتيان الصلاة في أوّل الوقت لمن
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ٧٦ ـ ٧٧.