حصل له المقدّمات ، وهذا بخلاف ما التزموا في الواجب التعليقي ، فإنّه لا يمكن إتيان الفعل في زمان فعليّة الوجوب بوجه من الوجوه ، ومستحيل ذاتا.
وبالجملة ، المراد ممّا سبق أنّ البعث لا بدّ أن يكون نحو ما يمكن أن يكون باعثا ذاتا ، وعدم المعلول لعدم علّته لا ينافي الإمكان الذاتي. هذا خلاصة كلامه.
وفيه أوّلا : أنّ النقض منقوض بالأمر بالطيران في الهواء ، فإنّه ممكن ذاتا وإن كان محالا فعلا ، مع أنّه لا نظنّ أن يلتزم به ، فالمعيار هو الإمكان بالنسبة إلى هذا الشخص ، وأنّه لا بدّ أن يكون إمكان البعث والدعوة ممكنا بالنسبة إلى هذا الشخص المبعوث ، لا فيما يمكن ذاتا ولو استحال بالنسبة إليه ، وإلّا فيكون الأمر بما [يكون] في العادة مستحيلا وممكنا بحسب ذاته غير مستهجن.
وثانيا : أنّ أصل الدعوى ممنوع ، فإنّه قد يكون البعث بمعنى التحريك الخارجي ، فلا شبهة في أنّه إنّما يكون في مورد يمكن الانبعاث ، لأنّه من قبيل الكسر والانكسار ، لكنّه إنّما هو في ظرف الامتثال والإتيان الخارجي ، والكلام فعلا في الإنشاء ، وقد سبق منّا أنّ الإنشاء ليس إلّا إظهار الشوق واللّابدّيّة ، وبعد الإنشاء ينتزع عن المنشئ والمنشأ والموضوع أمور ، كالطالبيّة والمطلوبيّة والمطلوب منهيّة ، وهكذا الباعثيّة والمبعوثيّة والمبعوث إليهيّة ، وليس هذا إلّا بعثا اعتباريّا قبال التحريك الخارجي ، كاعتباريّة الوجوب والإلزام والتكليف المنتزع عن هذا الإنشاء أيضا ، ومن البديهي أنّ مثل هذا البعث والتحريك لا يستتبع الانبعاث الخارجي والتحرّك كذلك.
وبعبارة أخرى : المولى متى اشتاق إلى صدور فعل من عبده عن اختيار منه ، يطلبه منه ، وطلبه منه ليس بأن يوجد الفعل بنفسه ، وإلّا لم يكن فعل