تقييد الهيئة يستلزم تقييد المادّة أيضا ـ بمعنى بطلان محلّ إطلاقها ، لعدم صحّة الصلاة بدون الطهارة من جهة عدم وجوبها بدون الطهارة ـ ولا عكس ، وكلّما دار الأمر بين تقييد أمر مستلزم لبطلان محلّ الإطلاق في الآخر وتقييد أمر غير مستلزم لذلك ، كان الثاني أولى ، لأنّ التقييد خلاف الأصل ، ولا فرق بين التقييد وبين أن يعمل عملا يوجب بطلان محلّ الإطلاق في النتيجة ، فبهذه الصغرى ـ أعني استلزام تقييد الهيئة لتقييد المادّة أيضا دون العكس ـ وبتلك الكبرى ـ أعني أولوية تقييد ما لا يستلزم بطلان محلّ الإطلاق في الآخر ـ يثبت المدّعى ، وهو وجوب رجوع القيد إلى المادّة دون الهيئة.
وأجاب عنه صاحب الكفاية (١) ـ قدسسره ـ بأنّه لا يتمّ في المتّصل ، كما في «صلّ عن طهارة» مثلا ، إذ القرينة المتّصلة مانعة عن انعقاد الظهور في الإطلاق ، فلا يكون هناك ظهور في الإطلاق لا في المادّة ، ولا في الهيئة ، لعدم تمامية مقدّمات الحكمة حتى يكون التقييد في الهيئة ، الموجب لبطلان محلّ الإطلاق في المادّة خلاف الأصل ، وتقييد المادّة غير الموجب لذلك أولى ، إذ لا إطلاق كي يبطل بذلك محلّه ، فالقضية سالبة بانتفاء الموضوع.
نعم ، في القيد المنفصل حيث ينعقد الظهور لكلا الإطلاقين يمكن القول بذلك.
أقول : هذا التقريب أيضا ـ كسابقه ـ غير تامّ.
أمّا في المتّصل : فكما أفاده صاحب الكفاية قدسسره.
وأمّا في القيد المنفصل : فلأنّ هناك أمرا متيقّنا ، وهو بطلان الصلاة مثلا بدون الطهارة إمّا لعدم تعلّق الطلب بها إن كان القيد راجعا إلى الهيئة ، أو لعدم
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٣٤.