أيضا ، فيترشّح من الأمر بالمقيّد أمر بالمطلق أيضا.
أقول : سيجيء مفصّلا في بحث الأقلّ والأكثر أنّ الأجزاء العقليّة لا تكون متعلّقة للأمر ، والأمر لا ينحلّ ولا ينبسط إلّا إلى الأجزاء الخارجيّة ، مثلا : لا ينحلّ الأمر في «أكرم عالما» إلى أوامر أحدها متعلّق بجوهريته ، والآخر بجسميّته ، والثالث بناميّته ، والرابع بحيوانيّته ، وهكذا ، بخلاف المركّب الخارجي ، فإذا تعلّق أمر بعتق رقبة مقيّدا بكونها مؤمنة ، لا يقبل الانحلال إلى أمرين : أحدهما بذات الرقبة ، والآخر بكونها مؤمنة ، وهكذا في المقام لا يمكن انحلال الأمر الوضوئي إلى أمرين : أحدهما بذات الوضوء ، والآخر بتقيّده. فظهر أنّ هذا الجواب أيضا غير سديد.
فالتحقيق في الجواب أن يقال : إنّ الطهارات مقدّمة لغاياتها بما أنّها مضافة إلى المولى بنحو إضافة ، لا أنّها مستحبّات نفسيّة ـ كما أفاده في الكفاية (١) ـ حتى ينتقض بالتيمّم ، ولا أنّها بذواتها مقدّمة ، ويجب إتيانها عبادة حتى يعود الإشكال ، بل لأجل أنّه من الإجماع والروايات الواردة في الباب ، الدالّة على وجوب إتيانها عبادة يستكشف أنّ ما هو مقدّمة هذه الحركات الخاصّة إذا أضيفت إلى المولى ، وإلّا فلا تكون بمقدّمة أصلا ، وحينئذ فيكفي إتيانها بداعي غاية من الغايات ، لما عرفت من تحقّق الإضافة والعبادية بمجرّد قصد الأمر الغيري في إتيانها ، وعرفت أنّ الثواب أيضا يترتّب عليه لما يكون المكلّف في مقام الانقياد والإطاعة عند إتيانها إذا قصد التوصّل إلى الصلاة مثلا ، وذلك يوجب استحقاقه الثواب بالمعنى الّذي ذكرنا ، فعلى هذا إذا ثبت الاستحباب النفسيّ في الوضوء ، لا إشكال في عدم لزوم الإتيان بداعي غاية من
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٣٩.