أثره ، وهو سقوط الواجب ، واتّصافها بالمطلوبيّة.
ولبعض مشايخنا (١) المحقّقين ـ قدّس الله أسرارهم ـ كلام حاصله بتوضيح منّا : أنّ قصد التوصّل دخيل في اتّصاف المقدّمة بالوجوب. ويتّضح ذلك بمقدّمتين :
الأولى : أنّ الحيثيّات التعليليّة في الأحكام العقليّة ترجع إلى الحيثيّات التقييديّة وإن لم تكن في الأحكام الشرعيّة كذلك ، وذلك لأنّ الأحكام العقليّة كلّها ترجع إلى حسن العدل وقبح الظلم ، فمتى ما تحقّق عنوان العدل يستقلّ العقل بحسنه ، كما في ضرب اليتيم للتأديب ، فإنّه لغاية التأديب عدل ، فيحكم بحسنه لا مطلقا ، فالغايات دخيلة في موضوعات الأحكام العقليّة وعناوين لها بحيث لو ضرب اليتيم لا لغاية التأديب بل ظلما ، لا يحكم العقل بحسنه ولو ترتّب عليه التأديب قهرا حيث لا ينطبق عليه بدونها عنوان العدل ، فلا يتحقّق موضوعه ، فلا يكون له حكم.
الثانية : أنّ الفعل لا يقع على صفة الوجوب ومصداقا للواجب إلّا إذا أتى به عن قصد وعمد ، ضرورة أنّ التكليف لا يتعلّق إلّا بالفعل الاختياري ، فالغسل الصادر لا عن اختيار لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب وإن كان مسقطا له ومحصّلا لغرضه.
إذا عرفت ذلك ، نقول : إنّ وجوب المقدّمة حيث إنّه بحكم العقل لأجل التوصّل بها إلى الواجب ومقدّميّتها له ، فالواجب بمقتضى المقدّمة الأولى هو : عنوان المقدّمة ، لا ذاتها ، فإذا كان المطلوب والواجب هو العنوان ، فلا بدّ في مقام الامتثال من إتيان ذات المقدّمة بقصد التوصّل وبعنوان المقدّميّة بمقتضى
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ١٣٣.