الأمر بالصلاة والصبر
الطريق لتقوية الإيمان والإرادة ، وامتثال أوامر الله وتكاليفه شيئان مهمّان ، يقرن القرآن بين الأمر بهما أحيانا ، وهما إقامة الصلاة ، والصبر في الحياة. أما الصلاة فهي معراج المؤمن ، وصلة الوصل بالله عزوجل ، والاستمتاع بالتوجّه نحو الذات العليّة في أوقات منتظمة. وأما الصبر فهو فولاذ الإرادة الحازمة ، وإعداد القوة اللازمة للتغلب على مصاعب الحياة ومتاعب الدنيا ، وبغير الصلاة لا تسعد النفس ، وبغير الصبر لا يكتب النجاح. لذا أمر القرآن الكريم بهما في مناسبات متعددة ، منها في سورة البقرة : [الآية ٢ / ١٥٣]. ومنها في سورة هود :
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥))(١) [هود : ١١ / ١١٤ ـ ١١٥].
سبب نزول هاتين الآيتين : ما رواه البخاري ومسلم وابن جرير عن ابن مسعود : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأخبره ، فأنزل الله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) فقال الرجل : إلي هذه؟ قال : لجميع أمتي كلهم. وتكررت روايات أخرى في معنى ذلك.
موضوع الآيتين الاستعانة بالصلاة والصبر. أما ما يتعلق بالصلاة فالآية الأولى في تحديد أوقاتها الخمسة ، ولا خلاف في أن المراد بها الصلوات المفروضة. والمعنى : أقم الصلاة أيها النبي وكل مؤمن تامة الأركان والشروط والأوصاف ، باعتبارها صلة بين العبد وربه ، مطهرة للنفس ، مرضاة لله ، مانعة عن الفحشاء والمنكر ، في جميع أجزاء اليوم. فقوله سبحانه : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) يشمل ثلاث صلوات :
__________________
(١) أجزاء منه قريبة من النهار.