وهي الصبح ، والظهر والعصر ، وقوله تعالى : (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) يشمل صلاتي المغرب والعشاء. فتكون الآية شاملة جميع أوقات الصلاة.
وتنوع فرضية الصلاة في الليل والنهار تعليم لضبط الوقت ، وربط المؤمن بالله تعالى في جميع أجزاء الوقت العامل المتحرك ، لا في حال السكون والنوم. وفائدة الصلاة بانت بعد تحديد الأوقات في قوله سبحانه : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) أي إن فعل الخيرات ومنها الصلوات الخمس تكفّر الذنوب السالفة الواقعة في جميع أجزاء النهار ، وتغسل آثار السيئات الصغائر ، كالنظر الحرام والقبلة والضرب باليد أو الرجل. والحسنات : جميع الأعمال الصالحة ، والسيئات : الذنوب الصغائر ، أما الكبائر فلا يكفّرها إلا الحد (العقوبة المقدرة) أو التوبة ؛ لقوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)) [النساء : ٤ / ٣١].
ويؤكد مدلول الآية الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مكفّرات ما بينهن ، إن اجتنبت الكبائر». قال جمهور أهل السنة في شرط : «إن اجتنبت الكبائر» هو شرط في معنى الوعد كله ، أي إن اجتنبت الكبائر ، كانت العبادات المذكورة كفارة للذنوب ، فإن لم تجتنب لم تكفّر العبادات شيئا من الصغائر. والأولى أن يقال : الشرط موضح أن الصلاة تسقط الذنوب الصغائر بشرط اجتناب الكبائر ، بدليل حديث خروج الخطايا مع قطر ماء الوضوء وغيره. ويعدّ الإصرار على الصغائر من الكبائر.
ثم قال الله تعالى : (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) أي إن أداء الصلوات ، والنصح بفعل الحسنات ، والاستقامة على أمور الدين ، وعدم الركون إلى الظلمة عظة للمتعظين الذين يعقلون الأحداث ، ويخشون الله عزوجل.