ويكون دعاء المؤمنين في الجنة مبدوءا بقولهم : (سُبْحانَكَ اللهُمَ) أي تنزيها وتقديسا لك يا الله ، أو اللهم إنا نسبحك ، وتكون تحيتهم في الجنة عبارة (السلام) الدالة على السلامة من كل مكروه ، كما جاء في آية أخرى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦)) [الواقعة : ٥٦ / ٢٥ ـ ٢٦] وهي تحية المؤمنين في الدنيا ، وتحية الله تعالى حين لقائه لأهل الجنة : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) [الأحزاب : ٣٣ / ٤٤] وتحية الملائكة لهم عند دخول الجنة : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) [الزمر : ٣٩ / ٧٣] وآخر دعائهم الذي هو التسبيح : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي إن خاتمة كلامهم شكر الله تعالى وحمده على سابغ نعمه ، والحمد أعم من الشكر ، وهو أول ثناء على الله حين دخول الجنة ، كما في آية أخرى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤)) [الزمر : ٣٩ / ٧٤].
عجلة الإنسان في تقرير المصير
يتعجّل الإنسان عادة تقرير المصير وتحقيق النتائج ، سواء في حال الخير أو الشرّ ، وهذا دليل القصور في التفكير ، وسوء التقدير ، ولو فكر الإنسان تفكيرا مليّا هادئا ، وتأمّل في أحداث الدنيا ، لتوقف عن العجلة ، وبادر إلى الحلم والأناة ، والصبر والإيمان ، وتفويض الأمر للخالق الدّيان. ولو لم يفعل ذلك في حال المكروه أو الشرّ ، لوقع في أسوأ العواقب ، ودمّر نفسه ووجوده لطيشه وعجلته ، وهذا الطبع يصفه القرآن الكريم للتحذير والتنبيه ، فقال الله تعالى :
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ (١)
__________________
(١) لأهلكوا.