السماء ، أو إرسال حجارة تمطر عليهم ، ولو كان ذلك لم يحدث قط ، لكان لهم العذر.
ثم فتح الله لهم باب الأمل ، ورجّاهم بقوله : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) أي إن الله تعالى صاحب عفو وصفح وستر للناس على ذنوبهم في الآخرة ، مع أنهم ظلموا أنفسهم ، وأخطئوا بالليل والنهار ، ولكن الله حليم رؤف بالناس ، فهو سبحانه يمهل مع ظلم الكفرة ، ويعفو عند التوبة ، وهو أيضا شديد العقاب للعصاة الذين أصروا على الكفر والعصيان. قال ابن المسيب : لما نزلت هذه الآية ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لولا عفو الله لما تمنى أحد عيشا ، ولولا عقابه لا تكل كل أحد». وقال ابن عباس : «وليس في القرآن أرجى من هذه الآية».
ثم ازداد إمعان المشركين في الكفر والعناد ، فطلبوا معجزات مادية على وفق هواهم ، وميولهم ، وقالوا : لولا يأتينا محمد بآية حسية من ربه ، كما أرسل الأولون ، مثل عصا موسى ، وناقة صالح ، ومائدة عيسى ، فيجعل لنا جبل الصفا ذهبا ، وأن يزيح عنا الجبال ، ويجعل مكانها مروجا وأنهارا. فرد الله عليهم متجاوزا مطالبهم ، بأن النبي مجرد منذر لقومه من العذاب ، وهاد للخير والسداد ، ولكل قوم داعية من الأنبياء ، يدعوهم إلى الله عزوجل وإلى الدين الحق ، وسبيل الخير والرشاد ، كما قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) [فاطر : ٣٥ / ٢٤].
علم الغيب
هناك صفات تختصّ بالله عزوجل ، لا يعلم بها البشر ، ولا يقدرون على علمها ، بسبب كون عقولهم محدودة ، وأفكارهم قاصرة ، ومن أهم تلك الصفات التي تحدّى الله بها البشر ، وأثبت عجزهم وضعفهم : هو علم الغيب في المستقبل القريب أو