شوهد من الأمور ، وهو الكبير الأكبر من كل شيء ، المتعال على كل شيء ، قد أحاط بكل شيء علما ، أي شمل علمه كل شيء ، وقهر كل شيء ، فخضعت له الرّقاب ، وذلّ له العباد طوعا وكرها.
والآية تشمل علم الله بالجزئيات والمفردات والدقائق ، وتشمل علم الله بمقادير الأشياء وحدودها ، وما يتخصص به كل شيء من أوصاف ، ويعلم أشياء خفية لا يعلمها إلا هو ، وهو ما غاب عن الحس ، وما حضر من المحسوسات.
والله تعالى عالم علما تامّا بأحوال جميع مخلوقاته ، سواء ما أسرّوه منها وأخفوه ، أو ما أعلنوه وأظهروه ، وما هو مختف في ظلام الليل في قعر البيت وجوانبه ، وما هو ظاهر ماش بسرعة في ضوء النهار ، فإن كلاهما في علم الله على السواء. فكل ما هو بالليل في غاية الاختفاء ، وما هو متصرّف بالنهار ، ذاهب لوجهته ، سواء في علم الله تعالى وإحاطته بهما.
ولله تعالى وسائل تخزين للمعلومات والمعارف وهم الملائكة الحفظة على العباد أعمالهم ، والحفظة لهم ، فمن حكمته ورحمته تعالى أن جعل للإنسان ملائكة حفظة ، يتعاقبون على حفظ الإنسان في الليل والنهار ، لحمايته وصونه من المضارّ والطوارئ الجسام ، وملائكة آخرون يتعقّبون أعمال العباد ويتّبعونها بالحفظ والتّدوين وكتابة كل ما يصدر عنهم من خير أو شرّ. فالمعقّبات : الجماعات التي يعقب بعضها بعضا ، وهم الملائكة. روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربّهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلّون ، وأتيناهم وهم يصلّون».
ثم أوضح الله تعالى مبدءا إلهيّا عظيما : وهو أنه لا عقاب بدون جريمة ، فقال : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ...) أي إن الله لا يبدّل ما بقوم من