أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)) (١) (٢) (٣) [الحجر : ١٥ / ٨٧ ـ ٩٣].
يمتن الله تعالى على نبيّه ، فيذكر له ، تالله لقد أعطيناك وأنزلنا عليك أيها الرسول السّبع المثاني والقرآن العظيم. والسّبع المثاني على الراجح : هي الفاتحة المكونة من سبع آيات ، تثنى وتكرر في كل ركعات الصلاة ، والبسملة هي الآية السابعة ، وقد خصّ الله أهل القرآن بها.
أخرج البخاري من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمّ القرآن هي السّبع المثاني والقرآن العظيم». وخرّج التّرمذي من حديث أبي هريرة بلفظ آخر : «الحمد لله : أمّ القرآن ، وأمّ الكتاب ، والسّبع المثاني».
وترتيبا على هذا العطاء الإلهي السّخي العظيم لا تطمح أيها الرسول إلى ما متّعنا به أصنافا من الناس : وهم الأغنياء بزينة الحياة الدنيا ومتعها ، فمن وراء ذلك عقاب شديد ، واستغن بما آتاك الله من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية ، وفاخر بما أوحي إليك ، وقدّر عظمة نعمة الله عليك ، ولا تنظر إلى الدنيا وزينتها ، ولا تتأسّف على المشركين إذا لم يؤمنوا ، لتقوية الإسلام والمسلمين ، ولا لهلاكهم ، وألن جانبك وتواضع للمؤمنين ، ولا تجافهم ولا تقس عليهم ، واصرف وجهك وعنايتك لمن آمن بك ، كما جاء في آية أخرى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران : ٣ / ١٥٩].
ثم أمر الله نبيّه بإعلان مهمته وهي الإنذار المبين ، فقال له : (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ
__________________
(١) تواضع.
(٢) هم في قول : أهل الكتاب الذين فرقوا دينهم ، وجزءوه أعضاء ، آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
(٣) أي جعلوه أقساما وأعضاء.