سبيل الله ، وعناء السفر ومتاعب الغربة ، وتوكلوا على ربهم ، وفوضوا أمورهم إليه ، فأحسن عاقبتهم في الدنيا والآخرة.
وكان من بين هؤلاء المهاجرين إلى الحبشة أشراف المسلمين : عثمان بن عفان وزوجه رقية بنت الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وجعفر بن أبي طالب ابن عم الرسول ، وأبو سلمة ابن عبد الأسود ، في جماعة قريب من ثمانين ، ما بين رجل وامرأة ، صدّيق وصدّيقة رضي الله عنهم وأرضاهم.
ثم رد الله تعالى على شبهة كفار قريش في بشرية الرسل ، حيث استبعدوا أن يكون البشر رسولا من الله تعالى ، فأعلمهم الله مخاطبا رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم أنه لم يرسل إلى الأمم إلا رجالا أوحى إليهم ، ولم يرسل ملكا ولا غير ذلك. وقل لهم يا محمد : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أي أسألوا أحبار اليهود والنصارى الذين لم يسلموا ، فإنهم يخبرون بأن الرسل من البشر.
لقد أرسل الله الرسل بالحجج والدلائل التي تشهد لهم بصدق نبوتهم ، وبالكتب المشتملة على التشريع الرباني ، وهي الزّبر ، أي الكتب ، وكما أنزلنا الكتب إلى من قبلك يا محمد ، أنزلنا إليك القرآن ، لتبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم من الشرائع والأحكام والحلال والحرام وقصص الأنبياء والأمم الماضية التي أبيدت لتكذيبها الرسل ، ومن أجل أن يتفكروا وينظروا في حقائق الكون وأسرار الحياة وعبر التاريخ ، فيهتدون ويفوزون بالنجاة في الدارين.
وهذه حقيقة تشريعية وواقعية ، فإن من آمن برسل الله الكرام ، وبالكتب الإلهية المنزلة ، وعمل بما أنزل الله ، حظي بسعادة الدنيا والآخرة ، وتلك هي النعمة العظمى والغاية الكبرى للإنسان العاقل.