الثالثة : وجوب الحج ، ووجوبه معلوم ، لكن قوله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فسر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم السبيل بالزاد والراحلة ، وألحق بذلك ما في معناه من الأمن والصحة ، والمدة التي يبلغ فيها ، وهل القوة على المشي تنوب عن الراحلة؟ المذهب ، وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي : أن القوة لا تنوب عن الراحلة ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم جعل تفسير الاستطاعة الزاد والراحلة ، وإحدى الروايتين عن القاسم ، وهو قول مالك ، وقول للناصر ، والمنصور بالله : أنها تنوب ، لقوله تعالى في سورة الحج : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً) [الحج : ٢٧] وقرئ (رجّالا) قيل : مشاة ، قلنا : هذا في القريب ـ والبعيد (عَلى كُلِّ ضامِرٍ) ـ ويكون ذلك تقسيما.
وهل الحرفة تقوم مقام الزاد؟ في ذلك تفصيل للعلماء ، واختلاف ، ووجه التردد هل هي تشبه المال أم لا ، وهل الاستطاعة الشرعية كالعقلية ، فيكون المحرم شرطا كالزاد ؛ لأن المرأة ممنوعة من السفر من غير محرم؟ في ذلك الخلاف (١). وهل هو يصير مستطيعا ببذل الاستطاعة (٢) من الغير؟.
مذهبنا : أنه لا يكون كذلك لأجل المنّة ، وهو قول أبي حنيفة ، وأما الشافعي فقال : هو مستطيع على تفصيل في بذل المال ، أو أن يحج عنه غيره (٣) ، ويخرج العبد من الوجوب ؛ لأنه غير مستطيع ، وهل المعضوب (٤) الغني مستطيع فيلزمه الحج؟ مذهب الأئمة عليهمالسلام ،
__________________
(١) في نسخة ب (في ذلك خلاف).
(٢) في الأصل (ببذل الاستطاعة) وفي النجري (ببذل المال) وفي كتب الفقه أيضا. والاستطاعة أعم لأنها تشمل بذل الدابة ونحوها.
(٣) وفي نسخة أ (أو أن يحجج عنه).
(٤) وفي نسخة (المغصوب الغني) وفي النجري ، وهل الغني المغصوب ماله.