وقال (أبو حنيفة) : يقدم غرماء الصحة على غرماء المرض. وترتيب الديون يؤخذ من غير هذه الآية الكريمة.
وقوله تعالى : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً).
قال جار الله رحمهالله (١) : هذا تأكيد لوجوب الوصية وإمضائها ؛ لأن المعنى آباؤكم وأبناؤكم الذين أوصوا والذين لم يوصوا لا تدرون أي : الصنفين الذين أوصوا ، والذين لم يوصوا أنفع لكم ؛ لأن الموصي عرضكم لنفع الآخرة بإمضاء وصيته والذي (٢) لم يوص عجل لكم نفع الدنيا ، والمعنى أن الموصي الذي عرضكم لثواب الآخرة أنفع ، فعليكم (٣) إمضاء وصيته فيكون هذا تأكيدا لإمضاء الوصية وترغيبا في ذلك ؛ لأن الجملة المعترضة لا بد أن تؤكد ما اعترضت بينه وبينه فهذا أولى من سائر ما ذكر في ذلك ؛ لأن منهم من فسر ذلك بأن الابن إذا كان أرفع درجة في الجنة من الأب ، سال أن يرفع إليه أبوه ، وكذلك الأب ، وقيل : قد فرض الله الفرائض على ما عرف أنه الحكمة (٤).
ولو وكل ذلك إليكم ما عرفتم ، وقيل : لا تدرون بأيهم أنتم أسعد في الدنيا والدين ، فأقسموا على ما بينه لكم ، وهذا مروي عن الحسن (٥).
__________________
(١) أي : صاحب الكشاف.
(٢) في (ب) : والذين لم يوصوا.
(٣) في (أ) : لكم.
(٤) الكشاف (١ / ٥٠٩) مع بعض الاختلاف عن المصدر ، ولعل المؤلف أخذ عنه بالمعنى.
(٥) الطبري (٣ / ٦٢٣ ـ ٦٢٤) ، القرطبي (٥ / ٧٤ ـ ٧٥٢) ، الطبرسي (٢ / ٤ / ٣٧) ، زاد المسير (٢ / ٢٩) ، تفسير الثعالبي (٢ / ١٧٩) ، البغوي (١ / ٤٠٣) ، أبي عطية (٢ / ١٨) ..