واختلفوا ما أريد بالصلاة فقيل : نفس الصلاة ، وسبب النزول يدل على هذا ، وهو مروي عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وابن زيد ، وأبي مسلم ، وقيل : أراد مكان الصلاة ، وهو المساجد كقوله : (وَصَلَواتٌ) أي : مواضع الصلاة ، عن عبد الله ، وسعيد بن المسيب ، والضحاك ، وعكرمة ، وعطاء ، والنخعي ، والحسن (١) : هذا خلاف المفسرين ، وقد اختلف الفقهاء أيضا فذهب عامة أهل البيت إلى أن المراد الصلاة نفسها لأنه تعالى قال : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) والفعل يتعلق بالصلاة ، ولأنه الحقيقة ، والحمل على موضع الصلاة مجاز ، ولأن النزول كان لأجل الصلاة ، وقد استدل على بن موسى القمي على أن في الصلاة قراءة بقوله : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) خلاف الأصم ، وهذا قول (أبي حنيفة وأصحابه ، ومالك وأصحابه) (٢) ، وحكاه عنهم في النهاية.
وقال الشافعي : المراد مواضع الصلاة وهي المساجد ، ولأجل هذا جوز للجنب العبور في المسجد ، واحتج بأن القرب الحقيقي يكون إلى الأماكن لا إلى الأفعال.
قلنا : قد صار في عرف الشرع حقيقة في الأفعال ، قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ وَلا تَقْرَبُوهُنَ وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ).
وقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سُكارى) الظاهر أن المراد (٣) سكر الخمر ، وعلى ذلك نزلت الآية ، وقيل : سكر النوم كما تقدم ، وقيل : بأعمال الدنيا.
__________________
(١) زاد المسير (٢ / ٩٠ ـ ٩١).
(٢) في (أ) : وهذا قول : ح وص وك وص.
(٣) في (أ) : أنه أراد.