قلنا : في هذا مذاهب أربعة :
الأول : قول الناصر ، والشافعي. أن القصر رخصة ، والإتمام أفضل.
الثاني : مذهب القاسم ، والهادي ، وزيد بن علي ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وأحمد بن عيسى ، والمؤيد بالله ، وأبي حنيفة وأصحابه ، أنه حتم (١).
الثالث : حكاه في النهاية عن مالك ، وقال : إنه أشهر الروايات ، أن القصر سنة غير حتم.
الرابع : حكاه في النهاية عن بعض أصحاب الشافعي. أنه مخير كالخيار في الكفارات ، وأنهما أعني القصر والتمام واجبان.
بيان متعلق هذه المذاهب :
يعلق أهل القول الأول : بقوله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) وهذه الكلمة تستعمل فيما هو مباح جائز ، لا فيما هو فرض ، نحو : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) و (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).
إن قيل : قد يستعمل ذلك في الواجب مثل : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) أجابوا بأن ذلك على سبيل المجاز (٢).
ومن جهة السنة ، ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : اعتمرت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المدينة إلى مكة ، حتى إذا قدمت مكة ، قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، قصرت ، وأتممت ، وصمت ، وأفطرت ،
__________________
(١) وهو المذهب.
(٢) وقد مر في قوله تعالى (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) جواب ، وتوجيه حسن.