وقوله تعالى : (ذلِكَ) ولم يقل : ذلكم ، قيل : أراد خطاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقيل : إن ذا لما كان الكاف يستعمل معه كثيرا صار بمنزلة شيء واحد ، بخلاف قولك : أيها القوم هذا غلامك فلا يجوز. وقيل : إنها للقبيل (١).
وقد اقتطف من هذه الآية ثمرات منها :
النهي عن ضرار المرأة عن التزوج ، سواء كان المضار زوجا ، أو وليا ، أو غيرهما. ومنها : أن رضاء البالغة شرط ، لكن مع الثيوبة ذلك إجماع ، وأما إذا كانت بكرا ، والمزوج غير الأب والجد ، فذلك إجماع أيضا.
وأما الأب والجد ، فمذهب أهل البيت عليهمالسلام ، وأبي حنيفة : لا بد من رضاها خلافا للشافعي ، والآية واردة في البالغة الثيب ، والشافعي أخذ بالخبر ، وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها (٢).
قال الشافعي : واستئذانه مستحب لهذا الخبر ، وللأب الإكراه ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فرق بينها وبين الثيب ، قلنا : خبر جابر يعارض هذا ، وهو ما
__________________
(١) وفي نسخة (للتقليل).
(٢) لا يخفى ضعف الاستدلال بالحديث على أن للأب أن يكره البكر ، بل هو دال على أن لا بد من أمرها ، وذلك مناف للإكراه ، فتأمل (قاسم بن محمد الكبسي).
يمكن أن يقال : إذا عمل بخبر جابر ، جاء الجمع بين الخبرين لا المعارضة ، لأنه يحمل خبر جابر على أن البكر المذكورة فيه بالغة ، والخبر الأول محمول على أن البكر المرادة فيه بصيغة العموم صغيرة ، والثيب بالغة ، وعلق الحكمان فيه بالثيوبة والبكارة ، بناء على أن الغالب في الثيبات الكبر ، وفي الأبكار الصغر ، بخلاف ما إذا بقي عموم الخبر الأول على ظاهره ، فإنه يبطل خبر جابر ، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما ، والله أعلم. (ح / ص).