وقال بعض الصوفية : اعتبار الصغيرة والكبيرة بمرتكب الذنب ، فقد يكون الذنب من زيد صغيرا ومن عمرو كبيرا ، وذلك بحسب مراتبهم في المعارف والأحوال ، فالأولياء (١) الذين بلغوا المنازل قد يستعظم منهم ما لا يستعظم ممن لم يترشح لمنزلتهم ، وذلك معروف في السياسة الدنيوية ، قال : ولهذا عاتب الله تعالى نبيه في كثير من خطراته التي قد تجاوز بها عن غيره (٢) ، وقال بعض المفسرين : معنى الآية : إن تجتنبوا هذه الكبائر التي نهيتم عنها في الآيات المتقدمة كفّرنا عنكم ما قد أسأتم فيه من
__________________
ـ الورع ، إذا رابني شيء تركته. انظر : الزهد الكبير (٣١٥).
(١) الأولياء : عند الصوفية العارفون بالله وصفاته الفانون عن أحوالهم ، الباقون في مشاهدة الحق ، وهم عندهم لا يعصون أبدا ، ولا يخفى ما في هذا التعريف من غلو وإفراط. انظر : المعجم الصوفي د. الحفني ص (٢٦٣).
(٢) فصّل الإمام ابن القيم رحمهالله القول في هذه المسألة فبين أن العبد «إذا كملت عليه نعمة الله ، واختصه منها بما لم يختص به غيره ، فحبي بالإنعام ، وخصّ بالإكرام ومزيد التقريب ، وجعل في منزلة الولي الحبيب ، اقتضت حاله من حفظ مرتبة الولاية والقرب والاختصاص بأن يراعي مرتبته من أدنى مشوش وقاطع ، فلشدة الاعتناء به ومزيد تقريبه واتخاذه لنفسه واصطفائه على غيره ، تكون حقوق وليّه وسيده عليه أتم ، ونعمه عليه أكمل ، والمطلوب منه فوق المطلوب من غيره ، فهو إذا غفل وأخلّ بمقتضى مرتبته نبّه بما لم ينبّه عليه البعيد البراني مع كونه يسامح بما لم يسامح به ذلك أيضا ، فيجتمع في حقه الأمران». مدارج السالكين (١ / ٣٦٢).