كفروا ، هم الكفّار من صناديد قريش وكبراء مكّة الّذين عاندوا ولجّوا في رفض الدين ولم يألوا جهدا في معارضته ولم يؤمنوا حتّى أفناهم الله عن آخرهم في بدر وغيره.
قال : ويؤيّده أنّ هذا التعبير لا يمكن استطراده بشأن جميع الكفّار ، وإلّا لا نسدّ باب الهداية. فالأشبه أن يكون المراد ـ في مثل هذا التعبير في سائر الموارد أيضا ـ كفّار مكّة ممّن جاحدوا الحقّ وقابلوا الدعوة حتّى آخر حياتهم (١).
***
وإليك ما ورد من الروايات بهذا الشأن :
[٢ / ٢٩٧] أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير واللالكائيّ في السنّة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عبّاس في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ونحو هذا من القرآن قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس ، ويتابعوه (٢) على الهدى ، فأخبره الله أنّه لا يؤمن إلّا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأوّل ، ولا يضلّ إلّا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأوّل (٣).
[٢ / ٢٩٨] وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال : «قيل يا رسول الله إنّا نقرأ من القرآن فنرجو ، ونقرأ فنكاد نيأس! فقال : ألا أخبركم عن أهل الجنّة وأهل النّار؟ قالوا : بلى يا رسول الله! قال : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) إلى قوله (الْمُفْلِحُونَ) هؤلاء أهل الجنّة قالوا : إنّا نرجو أن نكون هؤلاء. ثمّ قال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) إلى قوله (عَظِيمٌ) هؤلاء أهل النّار. قلنا لسناهم يا رسول الله؟ قال : أجل» (٤).
__________________
(١) الميزان ١ : ٥٠ ـ ٥٢.
(٢) في رواية البيهقي في الأسماء والصفات ١ : ١٣٦ ـ ١٣٧ «ويبايعوه على الهدى».
(٣) الدرّ ١ : ٧٢ ؛ الطبري ١ : ١٥٩ ـ ١٦٠ / ٢٤٧ ، و ٧ : ٢٢٤ / ١٣٨٥٦ ؛ الكبير ١٢ : ١٩٧ / ١٣٠٢٥ ؛ الأسماء والصفات ١ : ١٣٦ ـ ١٣٧ ؛ مجمع الزّوائد ٧ : ٨٤ ـ ٨٥.
(٤) الدرّ ١ : ٧٢ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٤٠ / ٩١ ، بلفظ : «عن عبد الله بن عمرو عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قيل : يا رسول الله إنّا نقرأ من القرآن