قال سيّد قطب : وهذه الحقيقة من جانبها جديرة بأن يتدبّرها المؤمنون ويثبتوا ويمضوا في طريقهم ، لا يبالون كيد الكائدين ، ولا خداع الخادعين ، ويتدبّرها أعداء المؤمنين ، فيفزعوا ويرتاعوا من الّذي يحاربونه ويتصدّون لنقمته حين يتصدّون للمؤمنين (١).
***
[٢ / ٣٢٥] أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) يعني المنافقين من الأوس والخزرج ، ومن كان على أمرهم (٢).
[٢ / ٣٢٦] وقال مقاتل بن سليمان : ثمّ رجع إلى المنافقين فقال ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) يعني صدّقنا بالله بأنّه واحد لا شريك له وصدّقنا بالبعث الّذي فيه جزاء الأعمال بأنّه كائن فكذّبهم الله ـ عزوجل ـ فقال : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) يعني بمصدّقين بالتوحيد ولا بالبعث الّذي فيه جزاء الأعمال (٣).
[٢ / ٣٢٧] وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) قال : المراد بهذه الآية : المنافقون (٤).
[٢ / ٣٢٨] وقال عليّ بن إبراهيم : إنّها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الإسلام ، فكانوا إذا رأوا الكفّار قالوا : إنّا معكم وإذا لقوا المؤمنين قالوا : نحن مؤمنون ، وكانوا يقولون للكفّار : (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) ، فردّ الله عليهم : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(٥).
[٢ / ٣٢٩] وأخرج عبد الرزّاق وابن جرير عن قتادة في قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ
__________________
(١) في ظلال القرآن ١ : ٤٧ ـ ٤٨.
(٢) الدرّ ١ : ١٧٣ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٤٢ / ١٠٤ ؛ الطبري ١ : ١٦٩ / ٢٦٢ ، وقال : «وقد سمّي في حديث ابن عبّاس هذا أسماؤهم عن أبيّ بن كعب غير أنّي تركت تسميتهم كراهة إطالة الكتاب بذكرهم» ؛ ابن كثير ١ : ٥٠ ، وزاد : «وكذا فسّرها بالمنافقين من الأوس والخزرج أبو العالية والحسن وقتادة والسّدّي» ؛ التبيان ١ : ٦٧.
(٣) تفسير مقاتل ١ : ٨٩.
(٤) الدرّ ١ : ٧٤ ؛ الطبري ١ : ١٧٠ / ٢٦٥. نقلا عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٥) القميّ ١ : ٣٤ ؛ البحار ٩ : ١٧٤ / ٣.