[٢ / ٣٣٧] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) الآية. قال : هذا نعت المنافق ، نعت عبدا خائن السريرة ، كثير الأخلاف (١) ، يعرف بلسانه ، وينكر بقلبه ، ويصدّق بلسانه ، ويخالف بعمله ، ويصبح على حال ، ويمسي على غيره ، ويتكفّأ تكفؤ السفينة ، كلّما هبّت ريح هبّ فيها (٢).
[٢ / ٣٣٨] وروى الصدوق بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث طويل : «والنفاق على أربع دعائم : على الهوى ، والهوينا ، والحفيظة ، والطمع.
فالهوى على أربع شعب : على البغي ، والعدوان ، والشهوة ، والطغيان ، فمن بغى كثرت غوائله وعلّاته ، ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه ، ولم يسلم قلبه. ومن لم يعزل نفسه عن الشهوات خاض في الخبيثات ، ومن طغى ضلّ على غير يقين ولا حجّة له.
وشعب الهوينا : الهيبة والغرّة والمماطلة والأمل. وذلك لأنّ الهيبة تردّ عن دين الحق وتفرّط المماطلة في العمل حتّى يقدم الأجل ، ولو لا الأمل علم الإنسان حسب ما هو فيه ، ولو علم حسب ما هو فيه مات من الهول والوجل.
وشعب الحفيظة الكبر ، والفخر ، والحميّة ، والعصبيّة. فمن استكبر أدبر ، ومن فخر فجر ، ومن حمي أضرّ ، ومن أخذته العصبيّة جار فبئس الأمر أمر بين الاستكبار والإدبار ، وفجور وجور.
وشعب الطمع أربع : الفرح ، والمرح ، واللّجاجة ، والتكاثر ، فالفرح مكروه عند الله ـ عزوجل ـ والمرح خيلاء ، واللّجاجة بلاء لمن اضطرّته إلى حبائل الآثام ، والتكاثر لهو وشغل ، واستبدال الّذي هو أدنى بالّذي هو خير فذلك النفاق ودعائمه وشعبه» (٣).
[٢ / ٣٣٩] ورواه الكلينى عن طريق عليّ بن إبراهيم بالإسناد إلى عمر بن أذينة عن أبان بن أبي
__________________
(١) لعلّه جمع الخلف ـ بكسر الخاء ـ بمعنى المختلف المتفاوت اللّون. او جمع الخلف ـ بالضمّ ـ بمعنى : عدم التزامه بالوفاء بالعهد. وهو في المستقبل ، كالكذب في الماضى. وفي بعض النسخ : كثير خنع الأخلاق ، والخنع : الفجور والغدر والذلّ.
(٢) الدرّ ١ : ٧٤ ؛ زاد المسير ١ : ٢٣.
(٣) الخصال : ٢٣٤ ـ ٢٣٥ / ٧٤ ، أبواب الأربعة : البحار ٦٩ : ٩١.