الأمر الّذي تنبّه له القدماء وزادت به عناية المتأخّرين ، فلا تجد مفسّرا إلّا ويذكر في مقدمة كلّ سورة أهدافها ومقاصدها بصورة إجمال. وممّن اعتنى بهذا الجانب الخطير ـ في عالم التفسير ـ من الأقدمين ، هو مجد الدّين محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي ، في كتابه «بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز» قال بشأن سورة البقرة :
وعلى الإجمال ، مقصود هذه السّورة : مدح مؤمني أهل الكتاب ، وذمّ الكفّار كفّار مكّة ، ومنافقي المدينة ، والرّدّ على منكري النبوّة ، وقصّة التخليق ، والتعليم ، وتلقين آدم ، وملامة علماء اليهود في مواضع عدّة ، وقصّة موسى ، واستسقائه ، ومواعدته ربّه ، ومنّته على بني إسرائيل ، وشكواه منهم ، وحديث البقرة ، وقصّة سليمان ، وهاروت وماروت ، والسحرة ، والرّدّ على النّصارى ، وابتلاء إبراهيم عليهالسلام ، وبناء الكعبة ، ووصيّة يعقوب لأولاده ، وتحويل القبلة ، وبيان الصبر على المصيبة وثوابه ، ووجوب السّعي بين الصفا والمروة ، وبيان حجّة التّوحيد ، وطلب الحلال ، وإباحة الميتة حال الضرورة ، وحكم القصاص ، والأمر بصيام رمضان ، والأمر باجتناب الحرام ، والأمر بقتال الكفار ، والأمر بالحجّ والعمرة ، وتعديد النعم على بني إسرائيل ، وحكم القتال في الأشهر الحرم ؛ والسؤال عن الخمر والميسر ومال الأيتام ؛ والحيض ؛ والطلاق ؛ والمناكحات ؛ وذكر العدّة ، والمحافظة على الصلوات ، وذكر الصّدقات والنّفقات ، وملك طالوت ؛ وقتل جالوت ؛ ومناظرة الخليل عليهالسلام ونمرود ، وإحياء الموتى بدعاء إبراهيم ، وحكم الإخلاص في الإنفاق ، وتحريم الربا وبيان المداينات ، وتخصيص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة المعراج بالإيمان (١) حيث قال : (آمَنَ الرَّسُولُ) إلى آخر السّورة.
قال : هذا معظم مقاصد هذه السورة الكريمة (٢).
***
وذكرنا في التمهيد : أنّ سورة البقرة هي أولى سورة نزلت بالمدينة واكتملت لعدّة سنوات ،
__________________
(١) تبع في هذا ما ذكره في تنوير المقباس : (أنّه نزلت الآية وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) اشتدّ ذلك على المؤمنين ، فلمّا عرج به إلى السماء سجد لربّه ، فقال الله تعالى ـ مدحا لنبيّه ـ : (آمَنَ الرَّسُولُ ...).
(٢) بصائر ذوي التمييز ١ : ١٣٤ ـ ١٣٥ مع تصحيح لبعض الألفاظ بالمقابلة.