ملائكة سماء الدنيا ولم يسجد له ملائكة السماوات (١).
[٢ / ٩٧٣] وأخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير قال : سمعت أبي يقول إنّ الملائكة الّذين قالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) كانوا عشرة آلاف فخرجت نار من عند الله فأحرقتهم.
قال ابن كثير : وهذا أيضا إسرائيليّ منكر كالّذي قبله. والله اعلم (٢).
وقال أبو جعفر الطبري ـ تعقيبا على رواية الضحّاك عن ابن عبّاس ـ : وقد روي عن ابن عبّاس خلاف هذه الرواية ، وهو :
[٢ / ٩٧٤] ما حدّثني به موسى بن هارون بإسناده عن ابن عبّاس ، وعن مرّة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لمّا فرغ الله من خلق ما أحبّ ، استوى على العرش ، فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا ، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجنّ ؛ وإنّما سمّوا الجنّ لأنّهم خزّان الجنّة. وكان إبليس مع ملكه خازنا ، فوقع في صدره كبر وقال : ما أعطاني الله هذا إلّا لمزيّة لي ـ هكذا قال موسى بن هارون ، وقد حدّثني به غيره ، وقال : لمزيّة لي على الملائكة ـ فلمّا وقع ذلك الكبر في نفسه ، اطّلع الله على ذلك منه ، فقال الله للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) قالوا : ربّنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال : يكون له ذرّيّة يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا (قالُوا) ربّنا (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) يعني من شأن إبليس. فبعث جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت الأرض : إنّي أعوذ بالله منك أن تنقص منّي أو تشينني! فرجع ولم يأخذ وقال : ربّ إنّها عاذت بك فأعذتها. فبعث الله ميكائيل ، فعاذت منه فأعاذها ، فرجع فقال كما قال جبريل. فبعث ملك الموت ، فعاذت منه فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره. فأخذ من وجه الأرض وخلط ، فلم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء ؛ فلذلك خرج بنو آدم مختلفين ، فصعد به فبلّ التراب حتّى عاد طينا لازبا ـ واللازب : هو الّذي يلتزق بعضه ببعض ـ ثمّ ترك حتّى أنتن وتغيّر ، وذلك حين
__________________
(١) الدرّ ١ : ١١٩ ؛ العظمة ٥ : ١٥٦٢ / ١٠٣١ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء عليهمالسلام).
(٢) ابن كثير ١ : ٧٤ ـ ٧٥.