أردت في تقديري وتدبيري ، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم ، فجعلت منهم الشقيّ والسعيد والبصير والأعمى والقصير والطويل والجميل والدميم والعالم والجاهل والغنيّ والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزّمانة ومن لا عاهة به ، فينظر الصحيح إلى الّذي به العاهة فيحمدني على عافيته ، وينظر الّذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اعافيه ويصبر على بلائي فاثيبه جزيل عطائي ، وينظر الغنيّ إلى الفقير فيحمدني ويشكرني ، وينظر الفقير إلى الغنيّ فيدعوني ويسألني ، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم (١) لأبلوهم في السرّاء والضرّاء ، وفيما اعافيهم وفيما أبتليهم وفيما اعطيهم وفيما أمنعهم وأنا الله الملك القادر ، ولي أن أمضي جميع ما قدّرت على ما دبّرت ولي أن اغيّر من ذلك ما شئت إلى ما شئت واقدّم من ذلك ما أخّرت وأؤخّر من ذلك ما قدّمت وأنا الله الفعّال لما اريد لا اسأل عمّا أفعل وأنا أسأل خلقي عمّا هم فاعلون».
[٢ / ١٠١٨] وبإسناده عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمّد الجعفي وعقبة جميعا ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ خلق الخلق فخلق من أحبّ ممّا أحبّ وكان ما أحبّ أن خلقه من طينة الجنّة وخلق من أبغض ممّا أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النّار ، ثمّ بعثهم في الظلال فقلت : وأيّ شيء الظلال؟ فقال : ألم تر إلى ظلّك في الشمس شيئا وليس بشيء ، ثمّ بعث منهم النبيّين فدعوهم إلى الإقرار بالله ـ عزوجل ـ وهو قوله ـ عزوجل ـ : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٢) ثمّ دعوهم إلى الإقرار بالنبيّين فأقرّ بعضهم وأنكر بعض ، ثمّ دعوهم إلى ولايتنا فأقرّ بها والله من أحبّ وأنكرها من أبغض وهو قوله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ)(٣) ثمّ قال أبو جعفر عليهالسلام : كان التكذيب ثمّ».
[٢ / ١٠١٩] وبإسناده عن عبد الله بن سنان قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك إنّي لأرى بعض أصحابنا يعتريه النزق والحدّة والطيش (٤) فأغتمّ لذلك غمّا شديدا وأرى من خالفنا فأراه حسن السمت. قال : لا تقل حسن السمت فإنّ السمت سمت الطريق ولكن قل حسن السيماء ، فإنّ
__________________
(١) في بعض النسخ : «ما هديتهم فلذلك كلّفتهم».
(٢) لقمان ٣١ : ٢٥.
(٣) الأعراف ٧ : ١٠١.
(٤) عراه واعتراه أي غشيه وأتاه. والنزق بالفتح والتحريك : الخفّة عند الغضب. والحدّة والطيش قريبان منه.