وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واعبد به طوعا وكرها قالوا : أقررنا يا ربّ وشهدنا ، ولم يجحد آدم ولم يقرّ فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : إنّما هو : فترك. ثمّ أمر نارا فاجّجت ، فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها فهابوها ، وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما ، فقال أصحاب الشمال : يا ربّ أقلنا ، فقال : قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها ، فهابوها ، فثمّ ثبتت الطاعة والولاية والمعصية».
[٢ / ١٠١٧] وبإسناده عن حبيب السجستاني قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «إنّ الله ـ عزوجل ـ لمّا أخرج ذرّيّة آدم عليهالسلام من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبيّة له وبالنبوّة لكلّ نبيّ فكان أوّل من أخذ له عليهم الميثاق بنبوّته محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ قال الله ـ عزوجل ـ لآدم : انظر ماذا ترى ، قال : فنظر آدم عليهالسلام إلى ذرّيّته وهم ذرّ قد ملأوا السماء ، قال آدم عليهالسلام : يا ربّ ما أكثر ذرّيّتي ولأمر مّا خلقتهم؟ فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم؟ قال الله ـ عزوجل ـ : يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتّبعونهم ، قال آدم عليهالسلام : يا ربّ فمالي أرى بعض الذرّ أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور؟ فقال الله ـ عزوجل ـ : كذلك خلقتهم لأبلوهم في كلّ حالاتهم ، قال آدم عليهالسلام : يا ربّ فتأذن لي في الكلام فأتكلّم؟ قال الله ـ عزوجل ـ : تكلّم فإنّ روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي : قال آدم : يا ربّ فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد وطبيعة واحدة وجبلّة واحدة وألوان واحدة وأعمار واحدة وأرزاق سواء ، لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شيء من الأشياء ، قال الله ـ عزوجل ـ يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلّفت ما لا علم لك به وأنا الخالق العالم (١) ، بعلمي خالقت بين خلقهم وبمشيئتي يمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري صائرون ، لا تبديل لخلقي ، إنّما خلقت الجنّ والإنس ليعبدون وخلقت الجنّة لمن أطاعني وعبدني منهم واتّبع رسلي ولا ابالي وخلقت النّار لمن كفر بي وعصاني ولم يتّبع رسلي ولا ابالي ؛ وخلقتك وخلقت ذرّيّتك من غير فاقة بي إليك وإليهم وإنّما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيّكم (٢) أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم فلذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنّة والنّار وكذلك
__________________
(١) في بعض النسخ : «العليم».
(٢) في بعض النسخ : «أيّهم».