قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ)(١).
[٢ / ١٠٢٠] قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كلّ مولود يولد على الفطرة ، حتّى يكون أبواه [هما اللّذان] يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه» (٢).
وعليه فكلّ إنسان إنّما وضعت فطرته على الهدى والاستقامة ، وجبل على الاهتداء إلى كلّ من سبيلي الهداية والردى ، فإمّا شاكرا متّخذا سبيل الرشاد ، أو كفورا متّخذا سبيل الغيّ والفساد. وأيّما أخذ فباختياره بالذات إمّا لحسن نيّة أو لسوء اختيار لا مجبر ولا مقهور.
قال تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها)(٣).
(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(٤). إمّا شاكرا آخذا إلى الفلاح ، أو ناكرا هاويا إلى الهلاك. (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٥).
(مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها)(٦).
ولقد كان الأصل في جبلّة الإنسان هو سلامة الطبع والجنوح نحو معالم الهدى والفلاح ، لو لا غلبة الهوى والاستهواء نحو مهاوي الردى والضلال.
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ)(٧).
فالإنسان خلق في أحسن هندام ، لكنّه هو الّذي أطاح بحظّه بسوء اختياره.
***
هذا ما يعطيه القرآن من دراسة لواقع الإنسان ـ على أشكاله وألوانه ـ خلق في أصل فطرته سليما وليهفو إلى الخير والسّلام. أمّا الانحراف والانجراف فعارض لا محالة. والجميع في أصل الطينة سواء.
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٧٢.
(٢) عوالي اللئالي ١ : ٣٥ / ١٨.
(٣) الشمس ٩١ : ٧ ـ ٩.
(٤) الإنسان ٧٦ : ٣.
(٥) النجم ٥٣ : ٣٩.
(٦) الإسراء ١٧ : ١٥.
(٧) التين ٩٥ : ٤ ـ ٥.